عقدت مؤخرا، جمعية بييزاج للبيئة بأكادير اجتماعا بمقر دار الحي ابن زيدون، تطرقت من خلاله إلى العديد من القضايا البيئية التي تستأثر باهتمام أعضاء الجمعية والساكنة المحلية، والتي عرفت منعطفات وتجاوزات خطيرة في الآونة الأخيرة، كما تم التطرق إلى الحالة البيئية لمنطقة أنزا، هذه المنطقة الصناعية العريقة التي تعاني مشاكل بيئية جمة. وفي ختام أشغالها أصدرت الجمعية تقريرا يجسد رؤيتها وتصورها لهذه المنطقة حاليا ومستقبليا، تدعو من خلاله إلى تحويل المنشآت الصناعية الى منطقة "اليوتيس" تكون نموذجا وطنيا للمناطق الصناعية الخضراء، والذي يتوافق مع معايير المحافظة على البيئة. 1- منطقة أنزا من أقدم المناطق الصناعية بجنوب المملكة وعاصمة سوس ترى جمعية بييزاج للبيئة، أن منطقة أنزا تعد أقدم منطقة صناعية بجنوب المملكة، أنشئت من طرف المعمرين الفرنسيين في أربعينيات القرن الماضي شمال أكادير لقربها من ميناء الصيد، وعرفت بالتالي كباقي المناطق الصناعية هجرة قروية طلبا للعمل. وقد ظهرت مناطق سكنية بداخل الوحدات الصناعية وأحياء سكنية مجاورة، تلاها انتشار واسع للسكن الصفيحي والأحزمة القصديرية في العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي، نظرا لقربها من الميناءين، وثم بعد ذلك القضاء عليها في إطار برنامج مدن بدون صفيح، وقد صاحب ذلك مشاكل بيئية عويصة مرتبطة بتلوث هوائي وتلوث على مستوى الصرف الصحي، والتخلص المباشر من النفايات السائلة في عرض الشاطئ، هذا إضافة إلى الروائح الكريهة لمعامل دقيق السمك وروائح الغاز والوقود والزيوت، والغبار المتطاير لمعمل الاسمنت الذي حول المنطقة المجاورة الى أحياء شاحبة اللون بفعل الرماد. 2 – الحاجة إلى تنافسية تحترم معايير البيئة والتنمية المستدامة الوحدات الصناعية والاقتصادية بأنزا، مؤسسات مواطنة توفر مناصب الشغل لليد العاملة، وتساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين المغاربة العاملين بها، وتساهم في تطور وازدهار البلاد. وتعتبر الجمعية وجود وحدات اقتصادية وصناعية أمرا ضروريا في تعزيز التنمية والتطور الاقتصادي والاجتماعي، لكن بالمقابل تدعو الفاعلين الاقتصاديين والصناعيين الى الانخراط في المشروع الوطني البيئي لما فيه مصلحة الجميع والأجيال القادمة. هذا رغم تقادم وشيخوخة التجهيزات الأساسية التي تعود الى سنوات الأربعينيات في هذه الوحدات الصناعية التي يبقى عليها الالتزام بالمعايير التقنية والعلمية لحماية البيئة حتى تكون نموذجا يتحدى به وطنيا ودوليا في مجال حماية البيئة من التلوث. ولهذا السبب الوجيه، تدعو الجمعية الوحدات الصناعية الى إنشاء محطات تصفية أولية بمنشأتها قبل قذف نفاياتها في شبكة التطهير، الى جانب وضع مصفاة لمداخنها لتجنب الروائح الكريهة المنبعثة منها، والانخراط الجدي والفعلي في حماية البيئة كورش جديد تدعمه الدولة و تخصص له أغلفة مالية جد مهمة لتشجيع النسيج الاقتصادي والصناعي على الانخراط في تفعيل مضامين الميثاق الوطني للبيئة والتنمية المستدامة. 3 - مشروع محطة تصفية المياه العادمة بأنزا. تعتبر جمعية بييزاج للبيئة محطة تصفية المياه العادمة لمنطقة أنزا وتدارت، شر لابد منه، لكنها بالمقابل تؤكد على ضرورة عدم القذف المباشرة بالملوثات في عرض الشاطئ . وتضيف أنه يستحيل السباحة في الشطر الجنوبي لشاطئ أنزا نتيجة وجود العديد من الوحدات الصناعية التي تقوم بقذف مخلفاتها من المياه العادمة المصحوبة بملوثات خطيرة ومتنوعة من المكونات الكيماوية، وترى الجمعية أن إحداث المحطة تأخر كثيرا بمقارنة مع ما عرفه شاطئ أنزا من تلوث لعقود كثيرة، كما أن الكلفة الباهظة لهذه المحطة التي تقارب 300 مليون درهم، عبارة عن قرض من الوكالة الفرنسية للتنمية يجب ان تكون في مستوى المشروع، ويجب ان تحترم الدراسات التقنية والمعايير الفنية والبيئية، كما يجب أن لا تشكل ضررا مضاعفا وحلا لمعضلة بأخرى، وخصوصا أنها تتواجد بمحيط سكني عكس محطة لمزار بايت ملول، كما لا يجب أن تزيد من معاناة ساكنة أنزا التي عانت طويلا من كل أشكال التلوث. 4 - تحويل المنشآت والوحدات الصناعية لمنطقة "اليوتيس" أمر ضروري تعتبر الجمعية منطقة أنزا منكوبة بيئيا، كونها عانت لسنين طويلة من التلوث، ولإنصاف هذه المنطقة وساكنتها، تقول الجمعية، " يجب إعداد مخطط للتأهيل الحضري الشامل لأحياء المنطقة بما يستجيب للحاجيات الضرورية والأساسية للساكنة، وبما يرد الاعتبار لهذه المنطقة و يساهم في إشعاعها". وتضيف أن " منطقة أنزا تفتقر إلى المساحات والفضاءات والملاعب الخضراء، وتسجل في هذا المجال نسبا سلبية ، بل حتى المحاولات اليائسة لبعض الوحدات الصناعية لإنشاء المساحات والفضاءات والملاعب الخضراء ، لم تجد نفعا على اعتبار وجود الملوثات المختلفة وخصوصا غبار الاسمنت التي حول ألوان الأشجار والمباني المجاورة الى شاحبة، كما إن روائح معامل دقيق السمك تزكم الأنفس وتقض مضجع العابرين للمنطقة والمقيمين، بل يمكن استنشاقها من المنطقة السياحية لاكا دير أحيانا مع هبوب الرياح الشمالية الغربية، بالاضافة الى روائح الغاز والصابون والزيوت التي تعم المنطقة، مما يصعب معه الاستمتاع بلحظات في الفضاءات الخضراء، هذا إن هي وجدت أصلا في هذه الظروف غير الصحية للأطفال والشباب والساكنة المحلية. و لهذه الأسباب كلها فإن جمعية بييزاج للبيئة توصي بتحويل الوحدات الصناعية الحالية بكل من أنزا والحي الصناعي وسط أكادير الذي يساهم في انبعاث روائح كريهة من بعض قنوات صرف الصحي ببعض النقط بأكادير، إلى منطقة "أليوتيس"، مما من شأنه أن يشكل قطبا صناعيا واقتصاديا جهويا للعاصمة الاقتصادية الثانية بالمملكة، مع ضرورة احترام المنطقة الصناعية "اليوتيس" للمعايير التقنية والفنية للبيئة وان لا تشكل هذه المنطقة عبئا بيئيا جديدا على المناطق المجاورة، ويجب منع الزحف الأسمنتي أو بناء الأحياء أو الوحدات السكنية بجوار المنطقة الصناعية، كما يجب أن تشكل منطقة "أليوتيس" نموذجا إفريقيا ودوليا للاقتصاد الأخضر و للمناطق الصناعية الخضراء بجنوب المملكة. مما تعتبره الجمعية تحديا كبيرا يجب رفعه.