على بعد أيام قليلة من موعد الاستحقاقات الانتخابية المرتقب إجراؤها في السابع من أكتوبر المقبل، أفرجت معظم الأحزاب السياسية عن برامجها الانتخابية، مقدمة من خلالها وعودا جديدة بتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية التي أفرزتها حكومة "إخوان بنكيران" على مر خمس سنوات من ولايتها. ومباشرة بعد طرح الفاعلين السياسيين برامجهم الانتخابية، عاد النقاش من جديد حول إمكانية تحققها على أرض الواقع، في وقت رصد العديد من المتابعين للمشهد السياسي أن غالبية البرامج متشابهة إلى حد كبير، مسجلين تكرار الوعود التي تتضمنها. محمد العمراني بوخبزة، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة عبد الملك السعدي بتطوان، أكد حصول تراجع كبير في حضور الإديولوجيا في برامج الأحزاب السياسية، وهو "ما يجعلها متقاربة وتحمل الوعود والتصورات نفسها"، على حد تعبيره. تشابه مضامين ومحاور البرامج الانتخابية التي طرحتها معظم الأحزاب السياسية في الأسبوعين الماضيين عزاه بوخبزة، في تصريح لهسبريس، إلى إدراكها احتياجات المغاربة التي باتت معروفة، مضيفا: "تتركز على الجانب الاجتماعي، مثل تجويد العرض التعليمي والصحي والرفع من القدرة الشرائية". أما الاختلاف فيكمن، حسب بوخبزة، فقط، في الرؤية التي يملكها كل حزب لإصلاح الوضعية الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، والتي تختلف حسب موقعه بين الأغلبية الحكومية أو المعارضة؛ مضيفا: "أحزاب الأغلبية تركز في برامجها على الاستمرارية في التصورات وبرامج الإصلاح التي عملت عليها طيلة ولايتها الحكومية، بينما تطرح الأحزاب في المعارضة تصورات بديلة تختلف عن تلك المطروحة". وزاد أستاذ العلوم السياسية ذاته: "هناك أحزاب في المعارضة طرحت في برامجها الانتخابية إعادة النظر في الإصلاحات التي طبقتها حكومة عبد الإله بنكيران، لاسيما إصلاح صندوق المقاصة والتقاعد"، قبل أن يشدد على أن التموقع بين الجانبين "ينعكس بشكل مباشر على التصورات التي تضعها الأحزاب السياسية". وسجل العمراني، في معرض حديثه، ملاحظة عامة تكمن في "عدم خروج البرامج التي تقترحها الأحزاب عن المألوف والمحاور الكلاسيكية، سواء الخاصة باليمين أو اليسار"، قبل يضيف أن هذا المعطى "سيسهل مسألة عقد التحالفات بين الأحزاب لتشكيل الأغلبية بعد الانتخابات"، نافيا أن تكون البرامج "منسوخة كما يروج بعض المتابعين للشأن السياسي"، حسب تعبيره. وحول الوعود الانتخابية التي تقدمها الأحزاب في فترة الحملة الانتخابية، أكد المتحدث ذاته استحالة عدم حضورها في البرامج الحزبية، لكونها "آلية من آليات التسويق السياسي للفاعلين الحزبيين من أجل إقناع الهيئة الناخبة"، حسب تعبيره. وفي ظل النقاش حول مدى استيعاب المواطنين، وخاصة المنتمون إلى قاعدة المجتمع، للمفاهيم والأرقام التي تقدمها الأحزاب السياسية في برامجها، شدد بوخبزة على ضرورة حضور هذه المفاهيم رغم كونها معقدة بالنسبة لفئة واسعة من المواطنين؛ وزاد مستدركا: "خلال الحملة الانتخابية تشتغل الأحزاب على تبسيط هذه المفاهيم للمواطنين، خاصة عبر البرامج التلفزية والمهرجانات الخطابية". ورفض المحلل السياسي ذاته أن يتم تنزيل هذه البرامج إلى ما اعتبرها "درجة الشعبوية المطلقة"، بمبرر توجيهها إلى الفئات الفقيرة وغير المتعلمة داخل المجتمع، مؤكدا أن "المجتمع المغربي متنوع ويضم فئات عديدة؛ لذلك وجب تكييف الخطاب وجعله قابلا للفهم من الجميع".