حسم بلاغ الديوان الملكي الأخير المتعلق بتصريحات محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم في الاشتراكية، النقاش الذي أُثير على خلفية الموقف الذي أدلى به لصحيفة "الأيام" الأسبوعية قال فيه: "مشكلتنا ليست مع الأصالة والمعاصرة كحزب، بل مع من يوجد وراءه ومع من أسسه، وهو بالضبط من يجسد التحكم". وبالرغم من أن أسبوعية "الأيام" نشرت تصحيحا، أعيد نشره كذلك على موقع حزب "الكتاب"، مفاده أن "الأمر يتعلق بفكرة التأسيس والمؤسسين وليس عبارة المؤسس، ووقع خطأ غير مقصود"؛ فإن الديوان الملكي دخل على الخط، واعتبر أن ما قاله بنعبد الله "وسيلة للتضليل السياسي في فترة انتخابية تقتضي الإحجام عن إطلاق تصريحات لا أساس لها من الصحة"، حسب بلاغ الديوان الذي أضاف أن تصريحات الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية "تحمل أهمية وخطورة، لا سيما أنها صادرة عن عضو في الحكومة وأن الشخص المقصود هو مستشار للملك حاليا، ولم تعد تربطه أي علاقة بالعمل الحزبي". وفي الوقت الذي لاذت فيه العديد من الهيئات السياسية بالصمت، توجهت أنظار المتابعين للشأن السياسي المغربي إلى حزب العدالة والتنمية؛ على اعتبار أنه الحزب الأول الذي وظف ما يصطلح عليه ب"التحكم"، في إشارة واضحة إلى حزب الأصالة والمعاصرة، فضلا عن كونه الحليف الأقرب لحزب التقدم والاشتراكية وأمينه العام محمد نبيل بنعبد الله، ويشتركان في "مواجهة التحكم" كما سبق أن عبرا عن ذلك في العديد من اللقاءات الحزبية التي جمعتهما. عبد العزيز أفتاتي، الرئيس السابق للجنة النزاهة والشفافية ب"البيجيدي"، اعتبر البلاغ "ناطقا باسم الجهة التي أصدرته"، وأضاف: "كل شخص يحاول استخلاص ما يعنيه، ولا أحد مخول له أن يسقطه على جهات ما؛ فبنعبد الله أبدى ملاحظته حول موضوع يعرفه الخاص والعام، وانتهى الموضوع". وباعتبار أن حزب العدالة والتنمية من بين الأحزاب التي توظف كثيرا مصطلح "التحكم"، قال المتحدث نفسه إن "البيجيدي" يتحدث عن "شيء واقعي" و"حول توجه يحاول العودة إلى السلطوية"؛ وأردف: "هو منهج ومسلك وأعمال جارية باستمرار، والحزب يتحدث عن واقع ملموس، والنقاش سيبقى مستمرا في محاربة التحكم و'أبو التحكم' الذي نعرفه جميعا، وذلك إلى غاية إنجاز الانتقال الديمقراطي"، بتعبير أفتاتي. واستطرد البرلماني نفسه، في تصريح لهسبريس، قولا" إن كل من يحاول القيام بقراءات للبلاغ فهو دجال؛ لكن النقاش سيبقى مستمرا داخل المجتمع الذي يحاول عدم تكرار المآسي السالفة، وأية معركة تسعى إلى تحقيق الانتقال الديمقراطي سنخوضها جميعا". بدوره، عاد الناشط الحقوقي والمؤرخ المعطي منجيب إلى ما نقلته صحيفة "الأيام" على لسان بنعبد الله قبل التصحيح، واعتبره "صحيحا من ناحية العمق"؛ وزاد: "فؤاد عالي الهمة ما زال عمق التحكم، وهو الذي يتكلف بالسياسة اليومية للمملكة، ومن خلال البيان الذي لا شك في أنه هو من بادر إليه فإنه يزج بالملك في صراع سياسي وانتخابوي مرفوض" حسب تعبير منجيب. الناشط نفسه أضاف أن "البلاغ يحاول خلق مشاكل داخلية لحزب التقدم والاشتراكية، من خلال دفع أعيان الحزب إلى الثورة على نبيل بنعبد الله، خصوصا أن التيار المناهض للتحكم داخل الحزب، والذي يقوده سعيد السعدي، هو في خصام مع بنعبد الله، ما قد يخلق للأخير نوعا من العزلة داخل الحزب من جهة المناهضين للتحكم وكذا الأعيان"، وفق تقييم منجيب. وأكد المتحدث أن "بلاغ الديوان الملكيّ موجه ،بالأساس، إلى بنعبد الله وكذلك إلى كل من يتكلم نفس خطابه، الذي استمده بدوره من خطابات بنكيران"؛ وواصل: "بنعبد الله، في الأشهر الأخيرة، أصبح يعبر عن ضجره من تدخلات النظام، وفي عدم ترك الحكومة تحكم، وفيما يتعلق بتفعيل الفصول التي تنص على فصل السلط في الدستور وإعادة توزيع السلط". ويخلص المتحدث ذاته إلى أن "بلاغ الديوان الملكيّ رسالة لكل من تخوّل له نفسه اعتزام التحالف مع العدالة والتنمية، ووسيلة للضغط عليه، كما أنه رسالة للإدارة الترابية التي لها اليد الطولى في الانتخابات، خاصة في البادية، بأن نبيل بنعبد الله ورفاقه لم يعد مرغوبا فيهم خلال الانتخابات المقبلة".