في خضم النقاش المثار في البرلمان حول التعديلات الجديدة المتعلقة بالقانون الجنائي، وخصوصا بعد تضمينه لمقتضيات تحارب الإثراء غير المشروع، وربطها بالموظفين العموميين الذين يصرحون بممتلكاتهم؛ يستعد العشرات من مسؤولي الدولة لمغادرة مناصبهم بسبب الانتخابات البرلمانية، التي يرتقب أن تجرى في السابع من أكتوبر المقبل. وتوجه انتقادات مباشرة إلى آلية التصريح بالممتلكات، ومدى قدرتها على الوقوف في وجه الإثراء غير المشروع للمسؤولين الموجودين في مناصب عمومية، وبالخصوص النواب البرلمانيين والوزراء المنتهية ولايتهم، وكيفية مراقبة التغييرات التي حدثت على أموالهم قبل المسؤولية وبعدها. المجلس الوطني لحقوق الإنسان اعترف، في رأيه الذي قدّمه بخصوص مشروع القانون الذي أعدّته وزارة العدل والحريات لتعديل القانون الجنائي، ب"محدودية فعالية ونجاعة التصريح بالممتلكات الناتجة عن كم التصريحات المدلى بها من طرف الأشخاص الخاضعين"، منتقدا "غياب آليات التعاون والتنسيق بين المصالح الإدارية والقضائية والضريبية والمالية والجمركية والعقارية، لمحاربة الإفلات من المتابعة والعقاب". وفي هذا الصدد، أكد منسق الشبكة المغربية لحماية المال العام، محمد مسكاوي، أن "التجربة تجعل التصاريح مجرد وثائق للأرشيف، لا أحد اليوم يعرف ثروات المسؤولين السابقين سواء الحكوميين أو البرلمانيين أو المجالس المنتخبة أو الموظفين العموميين المكلفين بتدبير المال العام"، منبها إلى أنه "بعد أيام سنودع الحكومة ومجلس النواب، والمفارقة هي أن هناك عدة ملفات متعلقة بالفساد واستغلال النفوذ". وبعدما تساءل مسكاوي حول "من سنحاسب في ظل قانون مبتور لا قيمة له على المستوى العملي؟"، أوضح أن آلية التصريح بالممتلكات أو الإقرار بالذمة المالية من المبادئ الأساسية للحكامة المتعارف عليها دوليا، مبرزا أنها آلية "تتماشى مع مواد الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد باعتبارها مؤشرا رئيسيا لمعرفة طريقة تدبير المال العام من طرف المسؤولين، وتضارب المصالح". مسكاوي قال، في تصريح لهسبريس، إن تنظيمه الحقوقي طالب، منذ سنوات، بتعديل قانون التصريح بالممتلكات لكونه يبقى مبتورا وغير فعّال، داعيا إلى "ضرورة تضمين شرط العلنية وإبراء الذمة". وطالب المتحدث نفسه، في هذا الصدد، بأن ينشر المسؤول العمومي المشمول بالتصريح ممتلكاته للعموم بالجريدة الرسمية، مبرزا أن "سرية المعطيات الشخصية يجب أن تخضع لضريبة التسيير العمومي، والتي تتطلب العلنية". وشدّد الفاعل الجمعوي والحقوقي على أهمية أن "يتضمن القانون إبراء الذمة، أي بعد انتهاء الولاية الانتدابية أو التعيين تقدم الجهة التي تتلقى التصريح إبراء تقول بموجبه إن ثروة المصرح عادية ومطابقة للأجر"، مبرزا "أنه في حال تضخم الثروة فإن الأمر يتطلب فتح تحقيق قضائي.. كما يجب توسيع قاعدة التصريح لتشمل الزوجة والأبناء تفاديا للتحايل على القانون"، يختم مسكاوي حديثه لهسبريس.