يتمدّدُ عددٌ من أبناء الجالية المغربية المقيمة بالخارج داخل فضاء الاستراحة بالباحة التابعة لمؤسسة محمد الخامس للتضامن "طنجة المتوسط"، لأخذ قسطٍ من الراحة قبل مواصلة مسير رحلة عودةٍ طويلة ومرهقة، تاركين خلفهم ذكرياتٍ وقلوبا ودّعتهم على أمل لقاء يتجدّد السنة المقبلة. وتعمل مؤسسة محمد الخامس جاهدة، بكل الوسائل المتاحة، من أجل التخفيف من وعْثاء هذا السفر وكل ما يحيط به من طوارئ، بدءا من نقطة الانطلاق، مرورا بباحة الاستراحة وميناء طنجة-المتوسط، وصولا إلى الديار الأوروبية. تنطلق مرحلة العودة من "عملية مرحبا" في منتصف غشت وتستمر إلى غاية 15 شتنبر، تسخّر خلالها مؤسسة محمد الخامس كلّ الإمكانيات والعناصر البشرية من أجل مرورها في أفضل الظروف. وقد سجلت الفترة الممتدة من 5 يونيو إلى غاية 26 غشت عبور 2.290.981 مسافرا، بنسبة ارتفاع بلغت 3,46%، بينهم 1.379.527 وصلوا عن طريق البحر، و911.454 وصلوا جوّا. وقدّمت مؤسسة محمد الخامس للتضامن خدماتٍ ل62.244 منهم، بينها خدمات طبية ل10.164 مسافرا، بحسب إحصاءٍ صادر عن المؤسسة. مرافق وتسهيلات مختلفة تقول سناء درديغ، مسؤولة التواصل بمؤسسة محمد الخامس للتضامن: "تتوفّر باحة الاستراحة هذه على المرافق الضرورية التي تسمح للمسافرين بأخذ قسط من الراحة وسط ظروف ملائمة قبل مواصلة المسير، بل ومعالجة المشاكل الصحية والقانونية والاجتماعية التي قد تعترضهم". وتضيف درديغ: "طبعا جميع التدخلات، في كل المجالات، تتم بالتنسيق مع باقي المتدخلين في العملية من سلطات وقنصليات ومصالح أمنية وطبية وكلّ ما يرتبط بأي مشكل قائم، فالمؤسسة لا تستطيع حلّ كل المشاكل بشكل منفرد". لا يتوقّف دورُ باحة الاستراحة على توفير سبل الراحة الجسدية فقط، بل يتجاوزها إلى تسهيل الإجراءات بشكل يسمح بمزيد من المرونة والانسيابية في مرور السيارات والحافلات عند وصولها إلى ميناء طنجة المتوسط، وهو ما تشرحه مسؤولة التواصل بالقول: "نحاول أن نقوم هنا بكل الإجراءات المتعلقة بأوراق السفر وما شابه التي كانت تتم بالميناء سابقا؛ بحيث لا تبقى سوى عملية المسح الضوئي وطباعة الجوازات". بالموازاة مع ذلك، يتم تنسيق حركتي ذهاب وإياب الحافلات صوب الميناء حسب الأماكن المتوفرة ووضعية حركة السير، ويخضع خروجها لترخيص. هذه الترتيبات تمكّن من التحكم في تدفق الحافلات وتدبير انتظار المسافرين على مستوى باحة الاستراحة التي توفر لهم مجموعة من الخدمات والمرافق الأساسية. وقد بدأ العمل بهذه الترتيبات الخاصة منذ صيف 2015 بشراكة مع سلطات ميناء طنجة المتوسط وشركات الملاحة البحرية وشركات النقل، بدعم من القوات المساعدة والدرك الملكي، انطلاقا من باحة الاستراحة التابعة لمؤسسة محمد الخامس للتضامن. وتهدف هذه الترتيبات، بحسب بلاغ للمؤسسة، إلى التحكم في ولوج الحافلات إلي ميناء طنجة المتوسط في فترات الذروة التي تعرفها مرحلة العودة، وذلك من خلال تسهيل كل العمليات الخدماتية والإدارية على مستوى باحة الاستراحة طنجة المتوسط. خدمات صحّية مجانية تتوفر الباحة على فضاء للاستراحة يمكّن المسافرين من المبيت به إن شاؤوا، إضافة إلى فضاء للألعاب مخصّص للأطفال، ومطاعم وحمّامات ودورات مياه، إضافة إلى وحدة صحية مجهّزة بما يلزم للتدخّل في حالة تعرّض أي مسافر إلى مشكل صحّي. وفي هذا الصدد، صرّح مصدر طبي بالوحدة قائلا: "نقوم بفحص ومعالجة حوالي 50 حالة في اليوم في المعدّل، أغلب المشاكل التي يعاني منها المسافرون تتمثل في حالات التسمم الغذائي، الأزمات التنفسية، وحالات هبوط الضغط، إضافة إلى حالات عدم الالتزام بأخذ الأدوية بالنسبة للأمراض المزمنة، ونحن في الوحدة الطيبة، المكوّنة من أطباء وممرضين، نوفّر كل الخدمات بما فيها الأدوية بشكل مجّاني. وإذا ما تطلب الأمر نقل إحدى الحالات الحرجة بسيارة الإسعاف إلى إحدى المصحات مثلا، فإن التأمين يتكفل بالأمر. ولحسن الحظ، فإن كل أبناء الجالية لديهم تأمين صحي، وبالتالي لا نجد مشكلا في هذا الصدد". وبالنسق نفسه، تتواجد بميناء طنجة المتوسط 4 خلايا، في كلّ واحدة منها مكتب للدعم الاجتماعي وآخر لتقديم الخدمات الصحية، بما مجموعه 9 أطباء و14 ممرضة، إضافة إلى سيارات إسعاف مجهّزة للخدمة على مدار الساعة. وقد تمّ، إلى حدّ اللحظة، بحسب تصريح مسؤول طبّي من داخل وحدة صحية بالميناء، معالجة حوالي 5000 حالة، 15 منها كانت في حالة صحية حرجة. التكنولوجيا وسيلة لخدمة الجالية توفّر مؤسسة محمد الخامس للتضامن تطبيقا بست لغات يوفّر كمّا آنيا هائلا من كلّ المعلومات التي يحتاجها المسافرون بدءا من نقطة الانطلاق حتى الوصول، بما فيها أرقام هواتف المصالح القنصلية الأكثر قربا والمرافق الصحية وكلّ ما قد يحتاج إليه أبناء الجالية أثناء سفرهم، وهو التطبيق الذي أثبت جدواه بشكل كبير، وفق مسؤولة التواصل بالمؤسسة سناء درديغ. كما قامت سلطات الميناء بتوفير منصة معلوماتية عبر الانترنيت من أجل استيفاء عمليات تسجيل المسافرين، وحجز التذاكر وبطاقات الاركاب الموحدة القابلة للتبادل بين مختلف شركات الملاحة. هذه العملية الأخيرة كانت تشكل عائقا كبيرا بسبب الازدحام الذي كان يحدث جرّاء انتظار كل مسافر للشركة الخاصة بتنقّله، وهو الأمر الذي تم تجاوزه من خلال إمكانية استعمال بطاقات الاركاب الموحدة القابلة للتبادل بين شركات الملاحة. تتنوع إذن الحالات التي تتدخّل فيها مؤسسة محمد الخامس بين المشاكل القانونية (انتهاء صلاحية الأوراق، مشاكل أمنية،...) والاجتماعية والصحية، وذلك من أجل عبور سهل وسلس للجالية المغربية المقيمة بالخارج، سواء في مرحلة الاستقبال أو العودة.