خلف اختيار الداعية السلفي حماد القباج على رأس لائحة حزب العدالة والتنمية بدائرة كيليز النخيل بمراكش العديد من ردود الفعل التي غطت على النقاشات التي سبقت إعلان حزب "المصباح" عن وكلاء لوائحه الانتخابية، خاصة ما تعلق بترشح رئيس الحكومة الأمين العام للحزب، عبد الإله بنكيران، وكيلا للائحة مدينة سلا وما واكب ذلك من نقاش حول مدى سلامة ترشحه دستوريا. اختيار القباج على رأس لائحة "المصباح" بدائرة كيليز النخيل بمراكش يتحمل قراءات متعددة، ظاهرها أن "البيجيدي" حاول ضرب عصفورين بحجر واحد، من خلال ترشيح شخص في وضعية إعاقة على رأس إحدى اللوائح الانتخابية، وما قد تعنيه هذه الخطوة من محاولة للحزب لإدماج هذه الفئة داخليا والانفتاح عليها في الآن ذاته. كما أن اختيار القباج، وهو المعروف بمرجعيته السلفية، قد يدل، بحسب المتتبعين للشأن السياسي الوطني، على رغبة "البيجيدي" في الانخراط في عملية دمج الرموز السلفية في الحياة السياسية المغربية، خاصة وأن مسار الرجل يتجسد فيه المشروع الإسلامي الذي يوافق تصور حزب العدالة والتنمية، وفق عبد الحكيم أبو اللوز، أستاذ باحث في الحركات الإسلامية، الذي اعتبر أن وضع القباح حاليا يشكل سيرورة الانتقال الهادئ من السلفيين إلى الإسلاميين، ويعطي نموذجا آخر على الاندماج في الحياة السياسية، بعيدا عن أجهزة الدولة، متحولا من التسلط إلى المرونة، بتعبيره. "القباج شخصية معروفة استطاع أن يبني نفسه رغم أنه مقعد، وكان اليد اليمنى للمغراوي وعرف بدبلوماسيته وميوله إلى الحوار، وليست له الحدة نفسها التي توجد عند الخط السلفي بأجمعه"، يقول أبو اللوز في تصريحه لجريدة هسبريس الالكترونية، مردفا أن ترأسه جمعية الدفاع على دور القرآن بالمغرب سنة 2011 مكنه من فتح قنوات الاتصال مع نواب من العدالة والتنمية بالبرلمان، كما تمكن من الانفتاح على وسائل الإعلام التي انفتحت بدورها عليها، ما جعل له شرعية في الظهور. ومن المؤكد أن حزب العدالة والتنمية سيراهن على القباج في المقاطعة التي رشحه فيها، يضيف المتحدث نفسه؛ "ففي سنة 2011 زارته كل الأطياف السياسية، بما فيها الأصالة والمعاصرة، لينضم إليها لكنه رفض، وهذا ما يدل على مكانة الرجل، كما أن العمق السلفي الذي يوجد بمراكش والعمق الإسلامي الذي يوجد بالمقاطعة نفسها سيمكنانه من حصد نتائج ايجابية بكل سهولة". درجة الاحتقان السياسي بين الأحزاب جعلت الجميع يبحث عن سبل للاستعداد الجيد لهذا الرهان، وهذا لا ينفي، بحسب كمال الهشومي، أستاذ باحث في القانون العام والعلوم السياسية بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، أن تكون مسألة اختيار المترشحين، مسألة سيادية تخص الشأن الحزبي الداخلي للأحزاب بمختلف تياراتها، "لكن بالنسبة لترشيح القباج من طرف البيجيدي، فإنه يحيلنا على المسار الذي مر منه القباج؛ إذ كان دائما داعما للمصباح وشارك في الحوار الوطني للمجتمع المدني الذي دعا له الشوباني، وانتقد محمد بن عبد الرحمن المغراوي وانسحب من جمعيته على خلفية انتقاده للبيجيدي والسياسات المرتبطة به، وبالتالي فالرجل قريب من الحزب". الهشومي أضاف أن "البيجيدي" يعول في المنطقة التي رشح فيها القباج على أصوات السلفية العلمية، ويراهن على المتعاطفين معه. و"في جميع الأحوال، فحزب العدالة والتنمية يبقى متمسكا بنهجه الداعم للتوجه الديني، وهذه مرجعيته وله الحق في ذلك، كما أن الحزب يريد بعث رسائل إلى من يهمه الأمر مفادها أن السلفية قد تكون حليفا جديدا للعدالة والتنمية لضمان انخراطه في العمل السياسي فضلا عن سعيه المشروع إلى حصد أكبر عدد من الأصوات". وحول النقاش الذي أثاره ترشيح القباج وغطى على النقاش السالف حول مدى قانونية ترشح رئيس الحكومة الأمين العام للحزب، عبد الإله بنكيران، فيمكن اعتبارها خطوة ذكية من طرف الحزب للتحكم في النقاش الدائر حوله، "رغم أنه قانونيا ليس هنالك ما يمنع بنكيران من الترشح، إلا أنه أخلاقيا تطرح بعض علامات الاستفهام حول الكيفية التي سيدير بها الانتخابات وهو رئيس اللجنة المشرفة عليها وفي الوقت نفسه مرشحا"، يختم الهشومي. *صحفي متدرب