يبدو أن "الشراكة الاستثنائية" المميزة للعلاقة بين المغرب وفرنسا، والتي تجعل هذه الأخيرة لا تتردد في وصف المملكة بالشريك القوي، لا تزال تقلقل انفصاليي البوليساريو؛ فقد وجهت "الجبهة" نداءً وصف بالمُلحّ إلى الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، بالكف عن "مواصلة دعمه للسياسة الاستعمارية المغربية في الصحراء الغربية"، على حد نعت التنظيم الانفصالي المعهود. وجاء الموقف المستفز للبوليساريو على لسان القيادي الانفصالي عبد القادر الطالب عمر، الذي حمل لقب "الوزير الأول" و"عضو الأمانة الوطنيّة"، الذي قال إن فرنسا باعتبارها العضو الدائم في مجلس الأمن الدولي مطالبة بالكف عن مواصلة دعمها للسياسة المغربية في الصحراء، مضيفا أن ذلك الدعم "يشجع النظام المغربي في التمادي في تحدي الأممالمتحدة والتطاول على قراراتها"، وفق تعبيره. كلمة الطالب عمر، التي جاءت خلال اختتام أشغال الجامعة الصيفية للأطر الصحراوية التي نظمت ببومرداس الجزائرية، تضمنت دعوة إلى فرنسا من أجل "المساهمة في إيجاد حل للقضية الصحراوية بالنظر إلى وزنها الدولي ومسؤولياتها في حفظ الأمن والاستقرار في العالم والمنطقة"، مطالبا باريس بأن "تكون جزءًا من الحل بدل أن تكون سببا في إطالة أمد النزاع وتعقيده وتأجيل حلم الشعوب المغاربية في بناء تكتل جهوي قوي"، على حد وصفه. ومال القيادي الانفصالي إلى الجارة الشمالية إسبانيا بالادعاء بأن هناك إجماعا من لدن الشعوب الإسبانية "على عدالة القضية الصحراوية ودعمها المتواصل للشعب الصحراوي سياسيا وإنسانيا"، على حد زعمه، ليطالب حكومتها هي الأخرى ب"تحمل مسؤولياتها التاريخية والقانونية إزاء الشعب الصحراوي بصفتها القوة المديرة للإقليم بحسب مقتضيات القانون الدولي"، على أنها مطالبة أيضا ب"تسديد دينها التاريخي تجاه الشعب الصحراوي بلعب دور أكثر ايجابية وفعالية لتسريع مسار التسوية السلمية". عبد الفتاح الفاتيحي، الباحث متخصص في قضايا الساحل والصحراء، قال إن العلاقات الفرنسية المغربية تتميز بكونها إستراتيجية طويلة الأمد تجدد على إثرها دعمها لمخطط الحكم الذاتي الذي يتمتع بالمصداقية للتوصل إلى حل متفاوض بشأنه لقضية الصحراء، مشيرا إلى أن جبهة البوليساريو تجد الآن نفسها أمام وضعية يغيب فيها السند في أطروحتها الانفصالية وكل ما تدعيه على المستوى الدولي. ويؤكد الفاتيحي، في تصريح لهسبريس، أن خرجة "البوليساريو" تتزامن مع النجاح المغربي في علاقاته مع موريتانيا إثر تكذيب الأممالمتحدة لاتهامات جبهة "البوليساريو" بقيام الجيش المغربي بخرق اتفاق إطلاق النار، وادعائها لانتهاك المغرب للجزء الجنوبي الغربي من الصحراء قرب موريتانيا؛ موردا أن تأكيد الأخيرة على علاقاتها العادية مع المغرب "صفعة قوية أصابت البوليساريو". وتابع الباحث المغربي قوله إن الخرجة الإعلامية الجارية للتنظيم الانفصالي تأتي من أجل محاولة تمييع النقاش المثار حاليا حول ملف الصحراء، خاصة ما يربط من علاقات جيدة بين الرباط ونواكشوط، مضيفا أن هذه العلاقات "محاصرة للمناورات الانفصالية التي تحاول أن إشاعة ادعاءات حول تشنج الصلة بين البلدين والإشاعات حول رفع المغرب لجاهزيته العسكرية ضد موريتانيا".