أثارت قضية توقيف قياديين بارزين في حركة التوحيد الإصلاح الإسلامية ، الجناح الدعوي لحزب العدالة والتنمية نقاشا واسعا في الساحة السياسية الوطنية ، بين منتقد لسلوك القياديين وبين من اعتبر الأمر حرية شخصية لا يجب المساس بها كيف ما كان الوضع . تأتي هذه القضية في سياق سياسي خاص يتسم بالصراع بين حزبي الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية ، مما جعل قياديي الحزب الإسلامي يبررون " الفضيحة " على أساس أنها تدخل في إطار لعبة سياسية مدبرة ومكشوفة ، بطلها " الدولة العميقة " ، وذلك لضرب شعبية الحزب ، خاصة وأن المرحلة الأخيرة تعرض فيها إلى ضربات متتالية ، تجاوزت الخصوم السياسيين الى جهات نافذة في وزارة الداخلية . نقطة أخرى يجب الإشارة إليها في هذا الصدد، وهي طبيعة تعاطي القوى الديمقراطية / العلمانية مع القضية، والتي ذهبت في اتجاه الهجوم على المعنيين بالأمر، والحركة الدعوية ، والحزب أيضا . إن طبيعة هذا التعاطي أظهر وبالملموس غياب النضج السياسي للقوى العلمانية ( مع وجود استثناءات ) ، فعوض استثمار القضية سياسيا ، واللجوء من خلالها إلى الدفاع عن الحريات الفردية ، ومبدأ سيادة القانون ، و"علمنة " الدولة ، هاجموا خصومهم ، ووصفوهم بكل النعوت ، ليكونوا بذلك قد أظهروا أن دفاعهم عن الحريات الفردية يكون بمواصفات ومعايير خاصة . إن نمط تعامل السلطة مع مثل هذه الملفات ليس جديدا ، بل تم استخدامه مع قوى اليسار في فترة السبعينات ، فقد حدث أن تم اقتياد عناصر بارزة في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية إلى المحاكم بتهم "ملفقة " ، والآن ليس من المستبعد أن يتم إعادة الكرة مع حزب العدالة والتنمية ، خاصة أن كل المؤشرات ترجح صحة جزء من هذه الفرضية . عموما، وبغض النظر عن حقيقة القضية، "ملفقة" أم لا ، فتفتيش وتوقيف واعتقال السلطات لأي مواطن في فضاء عام – كيفما كان – مس بالحريات الفردية ، وضرب بكل القوانين الوطنية - بما فيها الدستور - والمواثيق الدولية وفلسفة حقوق الإنسان التي ما فتئ المغرب ينادي بتطبيقها .