مع بدء العام الدراسي الجديد شهر شتنبر المقبل، تستعد جامعات العالم لاستقبال الوفود من الطلبة الجدد؛ لكن في جمهورية الصين الشعبية يختلف الأمر قليلا، إذْ إن جل الجامعات الصينية تُخضع طلاب السنة الأولى لتدريب عسكري. ويخوض هؤلاء الطلبة، لمدة أسبوعين إلى شهر من التحاقهم بالجامعة، تدريبات شاقة؛ ذلك قبل البدء في البرامج الدراسية التي تدوم، غالبا، لأربع سنوات. وينقسم التعليم العالي الصيني إلى التعليم الاختصاصي (المهني) والتعليم النظامي العادي والتعليم لطلاب الماجستير والدكتوراه. هذا الجهد، الذي يرمي إلى إعادة تشكيل وضبط السلوك والقيم عند طلاب الجامعات، يعود تاريخه إلى عام 1955؛ لكن طُبِّق، ومنذ عام 2001، صورة إلزامية على المرحلتين الثانوية والجامعية، وتم تجربته في مختلف أنحاء البلاد منذ سنة 1985. وكان التدريب العسكري يدوم لمدة عام في الماضي من الأيام، ثم تقلص إلى أقل من شهر، وبعد ذلك يصبح الطلاب من ضمن الاحتياطي العام للجيش الصيني. كما أن الطلاب والطالبات يشترون الزي العسكري بأنفسهم ومن مالهم الخاص. وحسب المسؤولين الصينيين، يهدف هذا النظام أو "دروس الطاعة" العسكرية المتبعة في الجامعات الصينية إلى تنمية الوعي العسكري لدى الطلبة؛ وذلك بُغية تنشئة أجيال من الشباب مؤهلة عسكريا ومعنويا وقوميا وبدنيا لتأدية الخدمة العسكرية، إن استدعت الضرورة. ومن جهة أخرى، ترمي إلى تهذيب سلوك الطالب وأخلاقه، وتربيته على حب العمل الجماعي والتعاون وتوطيد حب الطالب لمجتمعه وتعزيز الانتماء والشعور بالمسؤولية المشتركة في الحفاظ على أمن البلد وغرس معنى حب الوطن والدفاع عنه بالقلم والسلاح. جل هذه الأهداف تتجلى في نوعية التمارين المُتَّبعة والتدريبات الإلزامية التي تتم كما هو مقرر لها بغض النظر عن الأحوال الجوية. ويخضع الطلبة للتفتيش المنتظم من قبل الضباط الذين يشرفون على التدريبات. ويقول الطلبة الذين يساندون التدريب العسكري أنه يساعدهم على الاستعداد والتغلب على مصاعب الحياة في المستقبل والعالم الحقيقي. في المقابل، وعلى الرغم من الإيجابيات الكثيرة لهذه التداريب، فإن تعرضت لبعض الانتقادات، حسب مصادر صحفية صينية محلية؛ بعد حوادث وقعت سنة 2014، حيث توفي شاب في إحدى جامعات شرق الصين بعد إصابته بضربة شمس، وانتحار فتاة في مدينة أخرى بوسط الصين بسبب إهانتها من قبل المدرب. وفي "هونان" أصيب 42 شخصا بجروح جرَّاء مشاجرة أثناء التدريب العسكري. ومن العجائب ما ذكرت صحيفة "الشعب اليومية" الصينية الرسمية عن إدراج جامعة مدينة "تشنغتشو" تداريب جديدة لطلابها من أجل الحد من إدمان الهاتف الذكي، بحمل أجهزتهم بأفواههم ووضعها فوق رؤوسهم. وأوضحت الصحيفة ذاتها أن العديد من الصينيين يرون أن الشباب يقضون مزيدًا من الوقت في استخدام هواتفهم؛ ما يمنعهم من التفاعل مع العالم من حولهم.