كثيرة هي الوقائع التي تؤشر على أن أوروبا أصبحت، بعد الأحداث الإرهابية الأخير التي عرفتها كل من فرنسا وبلجيكا، أكثر عنصرية؛ بل يبدو أن الظاهرة ستتحول مع مرور الزمن إلى واقع اجتماعي يتغذى من ظاهرة الإسلاموفوبيا، وربط الإرهاب بالعرب والمسلمين. أصبح التمييز في سوق الشغل الأوروبي أكثر من الماضي؛ هذا ما تؤكده الوقائع التي تقول إن العديد من المهاجرين من ذوي الأصول المسلمة، تٓم إقصاؤهم من وظائفهم بطريقة أو بأخرى، لدواع يقال إنها "أمنية". في بروكسيل، لم تجد المصالح البلدية من سبب وجيه لفسخ عقد كراء يربطها بصاحب مكتبة الرسالة الواقعة في شارع ليمونييه إلا تهمة دعم السلفية الجهادية، ونشر الفكر المتطرف، رغم أنه يشغل المحل منذ سنوات عديدة. بدوره أصبح مطار العاصمة بروكسيل (زافنطم)، بعد التفجيرات الأخيرة التي هزته، منطقة محظورة على العمال المسلمين، الذين لم يتمكن الكثيرون منهم من تجديد عقود عملهم لأسباب قيل أيضا إنها "أمنية". المهندس 'أ.ي'، وبعد قبول ترشحه واجتيازه جميع الاختبارات لشغل وظيفة مهندس كهربائي في أحد المراكز النووية في مدينة" أنتويربن"، فوجئ بتلقيه رسالة من المركز المسؤول عن حماية المفاعل النووي، تخبره بأنه شخص غير مرغوب فيه لدواع أيضا "أمنية". من جانبها نشرت جريدة De volkskrant الهولندية تقريرا عن تعزيز الإجراءات الأمنية في محيط مطار Schiphol في العاصمة أمستردام، أرفقته بصورة في الصفحة الأولى، تظهر شخصا ملتحيا يخضع لإجراء روتيني للتفتيش، مع عنوان استفزازي: "هل لازال المطار آمناً". من جانبه، أكد الناشط السياسي هشام لمزايرح، المستشار الجماعي عن الحزب الاشتراكي، في مقاطعة ويلرايك بأنتويربن، أن التمييز سياسة ممنهجة من طرف الحكومة البلجيكية ذات التوجه اليميني، مستشهدا بتصريح لوزير العمل الفلامانكي فيليب مايترس، الذي أكد أنه ليس في الحاجة إلى توفير الشغل لمن وصفهم ب"رعاة الأغنام". وعزا المزايرح استفحال ظاهرة التمييز إلى "عمل الأحزاب اليمينية المتطرفة على تغذية خطاب الكراهية لدواع انتخابية وسياسوية محضة"؛ وتساءل عن مفهوم المواطنة، وإن كان المسلمون لهم كامل الحقوق والواجبات، أم أنهم فقط مواطنون من الدرجة الثانية. وتسود حالة من الإحباط في صفوف أفراد الجالية المغربية بسبب ارتفاع حدة التمييز ضدهم، وأخذهم بذنب غيرهم، واستهدافهم في لقمة العيش؛ ويشتكي الكثير منهم من عجز الحكومة المغربية عن اتخاذ الإجراءات اللازمة لضمان وحماية مصالح مواطنيها في المهجر. ويعيب مهاجرون مغاربة على الحكومة المغربية أنها عقدت اتفاقيات وشراكات أمنية مع الحكومة البلجيكية ذات التوجه اليميني، "دون انعكاس ذلك على مصالحهم، عكس الجالية التركية التي تتوفر على دعم قوي وغير مشروط من طرف حكومة بلدها الأصلي".