بعدما كانا ناشطين بارزين في حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية، قبل أن يختارا الانسحاب تأسيسا على قناعات مختلفة، التئم عمر العمري، صاحب رواية "كنت إسلاميا.. عندما يتماهى الخيال مع الواقع"، ولحسن كرام، مؤلف كتاب "الذئاب الملتحية.. الخديعة الكبرى"، في لقاء فكري نظمته "حركة اليقظة المواطنة" مساء اليوم بالرباط، أجمعا خلاله على ما وصفاه ب"خطورة الإسلاميين على المغاربة". عمر العمري، الناشط السابق في حركة التوحيد والإصلاح، والمشتغل سابقا ضمن طاقم جريدتها (التجديد)، كشف انسحاب فئات عريضة من الحركة ذاتها منذ تسعينيات القرن الماضي، واصفا إياها ب"الانسحابات الصامتة"؛ فيما قال إن "الحركة تبقى تنظيما مستوردا من الخارج وليست لها جذور في المغرب"، في سياق حديثه عن جماعة الإخوان المسلمين. وأضاف المتحدث ذاته أن الراحل فريد الأنصاري، القيادي البارز في "التوحيد والإصلاح"، القادم من رابطة المستقبل الإسلامي، كان أبرز من انسحبوا من الحركة ذاتها، مضيفا: "كان شاهدا معنا على المعاناة التي كان الأعضاء يعيشونها داخل التوحيد والإصلاح، وداخل صحيفة التجديد، لما كان بنكيران مديرا للنشر ورئيسا لتحريرها"؛ كما اتهم "التوحيد والإصلاح" بالترويج لما وصفه ب"الأطروحات المزيفة عن الإسلام"، بما فيها "الإسلام السياسي". وعرج العمري إلى مضمون روايته "كنت إسلاميا.. عندما يتماهى الخيال مع الواقع"، التي قدم خلالها تجربته داخل العمل الإسلامي منذ الصغر وإلى غاية انسحابه، وأورد أن قصته بدأت منذ الطفولة، وزاد موضحا: "في فترة السبعينيات فتحت عيني على ظروف البادية الصعبة اجتماعيا، إلى جانب البيئة الصوفية داخل الأسرة، إلى أن التحقت وأنا يافع للسكن بالكاريان، فالتقيت أبو أيمن (اسم مستعار لقيادي إسلامي عمل على استقطابه) وهو أستاذ متمرس على أدبيات الإخوان المسلمين". ولم يخف العمري أنه كان فريسة للمستقطبين، من أمثال أبو يمن، مضيفا: "عملوا على تأطيري ضمن برنامج تربوي عبر القرآن والأحاديث وأدبيات الحركات الإسلامية"، ومشيرا إلى كتاب "معالم في الطريق" لسيد قطب، الذي قال إنه كان "بمثابة دستور للإسلاميين المغاربة"؛ ثم زاد: "تحولت إلى داعية صغير أرتدي بدوري "الفوقية"، وأعمل على دعوة الناس إلى الإسلام في الكاريان". وأشار الإسلامي السابق ذاته إلى أنه كان يعمل بمعية باقي "الإخوان" على تكوين خلايا في الحي، وفق عملية تدعى "الاستقطاب" أو "الاصطفاء" بالمعنى القرآني، وفق تعبيره، إلا أنه استدرك بأنه عاش إبان ذلك تجربة روحية ودعوية وفكرية جيدة، "قبل أن يأتي أبو أيمن ذات يوم بإستراتيجية جديدة، إذ كان يريد الترشح للانتخابات في الكاريان"، حسب تعبيره. "كانت هذه النازلة القطرة التي أفاضت الكأس"، يضيف العمري، وزاد موضحا: "اكتشفت أنه كان يتحدث زورا باسم الله، وأن الغاية كانت هي الانتخابات مع التحول فجأة إلى العمل السياسي"؛ ثم أشار إلى أنه اعترض بشدة على تأسيس حزب العدالة والتنمية عام 1997 قائلا: "أرفض إقحام الدين في السياسة..رفضت الدعاية الانتخابية والانتماء إلى الحزب رغم مراسلة قيادييه"؛ فيما كشف أنهم عرضوا عليه العمل كواعظ ديني تحت سقف وزارة الأوقاف، وزاد مستدركا: "رفضت لأنه ريع ديني..انسحبت من الحجرة آنذاك بهدوء". أما لحسن كرام، صاحب كتاب "الذئاب الملتحية.. الخديعة الكبرى"، فاختار أن يوجه مدفعيته الثقيلة صوب حزب العدالة والتنمية، وأمينه العام عبد الإله بنكيران، حين قال إن الأخير ينعت معارضيه بممارسات "يمارسها"، من قبيل "التحكم والاحتيال والعفاريت"، مضيفا: "أكبر عملية احتيال قام بها بنكيران وإخوانه أنهم تسللوا داخل حزب عريق (حزب الحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية) يقوده رجل وطني (عبد الكريم الخطيب)". وقال كرام إن "التوحيد والإصلاح" هي التي تسير الانتخابات والعمل السياسي لحزب العدالة والتنمية، معتبرا أن "الجلسات التربوية التي تنظمها الحركة في غالب المدن بشكل أسبوعي داخل المنازل تعد تأطيرا عسكريا وحملة انتخابية ممتدة طيلة السنوات الخمس الأخيرة"، قبل أن يتهم أعضاءها ب"ممارسة التقية والتغاضي عن عدد من الأحكام الشرعية الواردة في الإسلام". إلى ذلك، تعمق الإسلامي السابق ذاته، الذي قال إنه كان قياديا وأبرز معد لإستراتيجيات "العدالة والتنمية" منذ عام 2001، في عدد من الأدبيات التي عرفت لدى الإسلاميين، من قبيل مصطلح "الإسلامي"، الذي قال إنه "مصطلح مسموم ودخيل على الإسلام"، مضيفا: "وصفنا في القرآن بالمسلمين وليس بالإسلاميين"، ومشيرا إلى أن "مصطلحي إسلامي وجهادي استشراقيان، الغاية منها خلط أوراق المسلمين". ويرى المتحدث ذاته أن "الإسلام السياسي" يعد "سُماً تروجه الجماعات الإسلامية عن الإسلام"، ليصف حركة التوحيد والإصلاح بأنها "مشروع خطير للغاية على المغاربة، وفكر بني على أسس تبناها المهدي بن تومرت، عبر التوغل إلى مفاصل المجتمع ثم الدولة"، قبل أن يؤكد أن الحركة ومعها "العدالة والتنمية" يهدفان إلى "التوغل في المجتمع المغربي" عبر ما أسماه "الدالات الثلاثة"، التي تتمثل وفقه في "دال الدعوة، ثم الدولة فالدم"، على أن ما جرى في تركيا ومصر "أكبر دليل على ذلك"، وفق منظوره.