تعيش حركة التوحيد والإصلاح وحزب العدالة والتنمية نوعا من الاضطراب بخصوص العلاقة مع التنظيم الدولي للإخوان المسلمين ومؤسسات الدعوة الوهابية، ووجدت الحركة والحزب اللذان جمعا بين الإخوانية والوهابية نفسهما منشطرين في الموقف بعد تأجج الصراع بين الإخوان المسلمين والمؤسسات الوهابية على خلفية اقتسام كعكة الربيع العربي، وأصبحت الدول التي يحكم فيها الإسلاميون ساحات للصراع بين الطرفين تديره مؤسسات النفوذ العالمية والإقليمية. وكان بنكيران قد قال في حوار مع صحيفة الأخبار اللبنانية "إن الحركة الإسلامية في المغرب لها فكرها الخاص. ولا علاقة لها بجماعة الإخوان المسلمين" وأضاف "نحن لا ننتمي إلى الإخوان، ولا توجد لدينا أي علاقات تنظيمية معهم. لدينا تصوّرنا الخاص وفكرنا الخاص ومؤسستنا الخاصة". من جهة أخرى شارك محمد الحمداوي، رئيس حركة التوحيد والإصلاح، في الندوة الدولية المنعقدة بأنقرة يومي 2 و3 مارس الجاري بمناسبة الذكرى الثانية لرحيل الزعيم الإسلامي نجم الدين أربكان، تحت عنوان "أربكان وعالم جديد" من تنظيم حزب السعادة التركي وبمشاركة واسعة لأبرز رموز وقيادات الحركة الإسلامية. وبعد استعراض أسماء المشاركين في هذه الندوة تبين أن الأغلبية الساحقة منها تنتمي لتنظيم الإخوان المسلمين. وتجدر الإشارة إلى أن العديد من فروع الإخوان المسلمين بالعالم تحمل أسماء أخرى وترفع عناوين الإصلاح والتجديد وغيرها. كما دعم إعلام التوحيد والإصلاح المعتقلين من جماعة الإخوان المسلمين بدولة الإمارات العربية المتحدة المتهمين بمحاولة قلب نظام الحكم. وفي السياق ذاته كتب قائد شرطة دبي بدولة الإمارات الفريق ضاحي خلفان على صفحته على تويتر مجموعة من الانتقادات القاسية للإخوان المسلمين اتهمهم فيها بالقتل وإزهاق الأرواح للوصول إلى الحكم والكرسي. وكان ضاحي خلفان أعلن في تصريحات أول أمس الأربعاء أنه تلقى "2500 اتصال هاتفي بتهديدات من الإخوان بعد استلام محمد مرسي رئاسة مصر"، وأضاف "لدي كشف بأرقام الهواتف التي جاءت منها التهديدات من مصر وأستطيع نشرها". واستغرب المتتبعون تبرؤ بنكيران من الإخوان المسلمين مع العلم أنه سبق وأن قال إنهم أقرب إلى الإخوان المسلمين، في إطار مزاوجة بين تفكير الإخوان المسلمين والحركة السرورية، التي يعتبر مؤسسها زين العابدين سرور أحد شيوخ بنكيران. لقد تم تأسيس حزب العدالة والتنمية بمباركة من التنظيم الدولي للإخوان المسلمين، وكان التنظيم شاهدا على ميلاد الحزب الإسلامي، حيث تمت مباركة الزواج بين جماعة بنكيران وحزب الدكتور عبد الكريم الخطيب، والأطراف التي شهدت ميلاد الحزب هم الراحل عبد الكريم الخطيب الأمين العام للحركة الشعبية الدستورية الديمقراطية، وبوشعيب الشراطي قيادي في الحركة والكاتب الخاص للخطيب، وبنعبد الله الوكوتي ومصطفى بنعثمان الصنهاجي وآخرون، ومن التنظيم الدولي حضر صالح أبو رقيق القيادي المصري في جماعة الإخوان المسلمين، وجبر سعد زغلول، القيادي أيضا في تنظيم الإخوان المسلمين، ومجاهد عمر الأميري القيادي في جماعة الإخوان المسلمين بسوريا ونجل الأميري الذي عاش في المغرب وكان يعتبر صلة الوصل بين الدولة والتيارات الإسلامية، ومن جانب التوحيد والإصلاح، التي كانت حينها قيد التأسيس، حضر عبد الإله بنكيران وعبد الله باها وعبد اللطيف السدراتي ومحمد يتيم. ويرى المتتبعون أن تراجع بنكيران عن انتمائه بصيغة أو أخرى للإخوان المسلمين ليس الهدف منه سوى إرضاء جهات خليجية وخصوصا مؤسسات الدعوة الوهابية التي دخلت هذه الأيام في صراع مع الإخوان المسلمين حول اقتسام ثمرات الربيع العربي. فليس هناك تناقض في مواقف التوحيد والإصلاح والعدالة والتنمية ولكن هناك تقاسم للأدوار وجبر لخاطر الإخوان المسلمين ومؤسسات الدعوة الوهابية.