بعدما استنفدت عائلات المعتقلين المغاربة في سجون العراق جلّ الطرق الرسمية من أجل طلب التدخل للإفراج عما تبقى من هؤلاء المعتقلين في السجون العراقية، لوّحت عائلات المعنيين باللجوء إلى مراسلة الملك محمد السادس مع التهديد باللجوء السياسي إلى بلد غير المغرب؛ محمّلين المسؤولية في ذلك بشكل مباشر لحكومة عبد الإله بنكيران، ومنددين في الوقت ذاته بما أسموه صمت الحقوقيين عن مواطنين مغاربة في سجون تجري داخلها سياسة تعذيب طائفية قد تصل إلى حد الإعدام. وفي آخر مستجد يهم المعتقلين المغاربة في بلاد الرافدين، فإن المسمى عز الدين بوجنان (34 سنة) يوجد حاليا في إقامة بالعاصمة بغداد خاصة بالمرحلين تابعة لمصلحة الهجرة، ينتظر تسلميه إلى السلطات المغربية بعد أن انتهت مدة محكوميته التي قضى فيها 11 سنة كاملة، بعدما تم تخفيف الحكم من 15 سنة، مدانا بموجب قانون الجوازات بتهمة "دخول الأراضي العراقية بطريقة غير شرعية". وتنتظر عائلة عز الدين، منذ أسابيع، تسليم ابنها إلى المغرب؛ لكن خطأً على مستوى الحرف الأول من اسمه العائلي وتاريخ ميلاده أجّل العملية إلى موعد غير محدد، ما دفع مقربين منه إلى استصدار المعلومات الصحيحة المتوفرة في سجل حالته المدنية بالمغرب وترجمتها إلى الإنجليزية، وإرسالها عن طريق الخارجية المغربية، وهو التحرك الذي تدخلت فيه جهات دبلوماسية وأمنية مغربية بغرض المعالجة العاجلة للأمر، وفق مصادر مقربة من عائلة عز الدين. وحسب المعطيات التي تتوفر عليها هسبريس، فإن بوجنان ينحدر من حي بني مكادة بطنجة، اعتقل في فاتح دجنبر 2004 ببغداد، أي أشهرا بعد الغزو الأمريكي للعراق، تحت رقم "159567" ورقم "27369"، بمقتضى قانون الجوازات وبتهمة دخول الأراضي العراقية بطريقة غير شرعية، وتمت إدانته بالسجن النافذ في سجن "سوسة" لمدة 15 سنة ليتم خفضها إلى 11 عاما، فيما ظل يشكو من تعرضه للتعذيب النفسي والجسدي وعدم تعريضه للمحاكمة العادلة إثر محاكمته في جلسة مغلقة. تنسيقية عائلة المعتقلين والمفقودين المغاربة في العراق أوردت، في بلاغ توصلت به هسبريس، أن السلطات العراقية باشرت إجراءات تسليم بوجنان إلى المغرب بعد انتهاء مدة محكوميته، "اتصلت العائلة بمكتب السفير المغربي لدى العراق المتواجد بالأردن، أخبرته بضرورة التدخل لإتمام إجراءات التسليم. كما راسلت وزارة الخارجية المغربية.. لكن، وبعد مرور أكثر من خمسة أشهر من اليوم، لم تقم السفارة أو الخارجية بأي إجراء"، مضيفة أن هذا "التماطل" قد يتسبب إلى عودة المعتقل تعسفا إلى السجن مرة أخرى. عبد العزيز البقالي، المنسق الوطني لتنسيقية عائلات المعتقلين والمفقودين المغاربة في العراق، اعتبر أن بوجنان يعيش دون جنسية مغربية، إذ جرى "إسقاطها دون إسقاط مباشر؛ لأن أي مسؤول مغربي لم يسأل في حاله ولا حال باقي السجناء المغاربة في السجون العراقية"، مضيفا "هل تريد الدولة المغربية أن يسقط جميع المعتقلين جنسياتهم؛ لأنهم يشعرون بأن بلدهم ينتقم منهم بتركهم دون هوية ولا اهتمام"، مشيرا إلى أن باقي السجناء العرب يلاقون اهتماما واضحا من لدن حكومات بلدانهم "بمن فيهم الجزائريين". ولم يخف البقالي، في تصريح لهسبريس، تحضير العائلات لمراسلة موجهة إلى الملك تطالب عبرها بالتدخل المباشر للإفراج عن أبنائهم والكشف عن مصير عدد منهم في سجون العراق، "الخطوة مطروحة بعدما استنفدنا كافة المساطر الرسمية وبعدما أغلقت في أوجهنا كل الأبواب"؛ فيما هدد البقالي بخيار اللجوء السياسي للمعتقلين المغاربة "هل يردون منا أن نطلب لهم لجوءًا سياسيا؛ لأنهم لا يتوفرون على الجنسية المغربية.. بالرغم من أننا لا نرضى بذلك، ولا نريد أن نستغل هذه القضية ضد مصالح المغرب؟".