في ظل نجاح عدد من المدن المغربية في القضاء على الأحياء الصفيحية بصفة نهائية أو مرحلية، وتمكين قاطنيها من بقع أرضية أو شقق تضع حدّا لمعاناتهم السكنية، لا زالت مدينة بوجنيبة، القصية عن مدينة خريبكة بحوالي 12 كيلومترا، عاجزة عن محاربة دور الصفيح، وإخراج سكان حي "الفيلاج" من ظلمات "البراريك" إلى أنوار الحياة الكريمة. "الفيلاج"، أو "البلوك الأحمر"، حي سكني غير مهيكل، يقع في الجهة الجنوبية من مدينة بوجنيبة، يضم مئات الأسر والعائلات التي تكابد قسوة العيش تحت لوائح القصدير، وبين جدران وأسقف آيلة للسقوط، في انتظار الاستفادة من مشروع سكني يقضي بتوزيع بقع أرضية على سكان الحي، مع إعادة تأهيله بما يتناسب وباقي الأحياء السكنية بالمدينة. جواد كلافي، أحد سكان البلوك الأحمر، أشار إلى أن سكان "الفيلاج" يعانون من عدة إكراهات، من ضمنها غياب الماء الصالح للشرب عن مساكنهم، واضطرارهم إلى مكابدة صعوبة استقدامه من "السقايات" المجاورة، وغياب الربط بقنوات الصرف الصحي، وانتشار الغبار بسبب الطرقات الترابية التي تخترق الحي السكني. وأضاف المتحدث، في تصريح لهسبريس، أن "السلطات المحلية تمنع السكان من القيام بأي إصلاحات، حتى وإن كانت بسيطة وتهم أرضية المنزل، وذلك بحجة اقتراب موعد تسليم البقع لقاطني الفيلاج، وهي الوعود التي ألف السكان سماعها طيلة عشرين أو ثلاثين سنة، دون أن يتحقق منها أي شيء"، بحسب تعبيره. وعن حالة المنازل بالحي المذكور، أكّد كلافي أنها شعبية وقديمة ومتهالكة، وذات أسقف قصديرية قريبة من رؤوس قاطنيها، ما يجعها شبيهة بحمام ساخن في الفترات الصيفية، وثلاجة باردة في فصل الشتاء، مع ما يصاحب تلك الفترة من تسرب للمياه إلى داخل المنازل، والتسبب في ضياع محتوياتها. أما عبد المجيد تابت، رئيس جمعية الأيادي النظيفة ببوجنيبة، فأوضح أنه خلال الزيارة الملكية التي عرفتها مدينة خريبكة سنة 2007، قُدّم للملك مشروع "البلوك الأحمر، تجزئة الحرية" على أساس أنه في طور الإنجاز، إلا أن الوضع لا يزال على ما كان عليه، إلى حدود اليوم، باستثناء إنشاء قنوات الصرف الصحي بالحي، دون أن يكون للسكان الحق في الربط بها لأسباب مجهولة، لتستمر معاناة الساكنة مع الحفر الخاصة بتصريف المياه العادمة. وأضاف المتحدث، في تصريح لهسبريس، أن المجمع الشريف للفوسفاط قدّم أرضا وميزانية كبيرة للمجلس البلدي السابق، من أجل إعادة تهيئة الحي وتأهيله من جديد؛ حيث جرى في سنة 2007 تسجيل 450 وحدة سكنية، فيما أكدت السلطات المحلية على ضرورة استفادة كل أسرتين من بقعة أرضية واحدة، من أجل بناء مساكن من طابقين، غير أن المعنيين بالأمر رفضوا ذلك المقترح، بحجة إمكانية تسببه في مشاكل مستقبلية بين الشركاء. وأوضح رئيس جمعية الأيادي النظيفة أن عدد المنازل في الوقت الراهن يناهز 850 مسكنا، وقاطنو البلوك الأحمر مستعدون لمغادرة منازلهم إذا سارعت السلطات المختصة بتوزيع البقع الأرضية على أصحابها، مضيفا أن باشا المدينة أكّد للمعنيين بالملف أن الرخص والتصاميم وشواهد الملكية وغيرها جاهزة. أما رئيس المجلس البلدي لمدينة بوجنيبة، فأكّد على أن جميع الإجراءات المرتبطة بملف "الفيلاج" بلغت مراحلها النهائية، وأن المجلس البلدي، والسلطات المحلية والإقليمية، والوكالة الحضرية، وباقي الأطراف المعنية، قامت بواجباتها لحل الملف المذكور، غير أن المانع من مباشرة الأشغال النهائية هو قرب موعد الاستحقاقات الانتخابية. وأضاف المتحدث، في تصريح لهسبريس، أنه انطلاقا من شهر أكتوبر المقبل؛ أي مباشرة بعد مرور المحطة الانتخابية القادمة، سيُجري المجلس البلدي والسلطات المعنية لقاءات تشاورية مع المعنيين بالملف، في إطار مجموعات مشكّلة من قاطني "البلوك الأحمر"، من أجل القيام بالإجراءات النهائية للاستفادة من البقع الأرضية.