بين الفينة والأخرى، يتكرر المشهد المأساوي نفسه بالدارالبيضاء، منازل تتهاوى وتسقط فوق رؤوس أصحابها تودي بحياتهم أحيانا وتخلّف عاهات مستديمة أحايين أخرى. هذا ما وقع ليلة أمس بشارع الشجر بسباتة الدارالبيضاء، انهيار عمارة من أربعة طوابق خلف، إلى حد الساعة، قتيلين و24 مصابا، فيما أخلت وزارة السكنى مسؤوليتها عن الحادث. يروي أحد الناجين من حادث انهيار العمارة التي تضم مقهى بالطابق الأرضي بعض تفاصيل الواقعة لهسبريس قائلا: "بينما كنت أجلس في المقهى رفقة أصدقاء لي، فإذا بنا نتفاجأ بحجر يسقط من السقف فوق الطاولة. هرعنا إلى الخارج فوجدنا أن البناية ظهرت بها تصدعات تنبئ بقرب سقوطها. لم تمض سوى أقل من دقيقة واحدة حتى انهارت العمارة بالكامل"، واصفا إحساس الاقتراب من الموت ب "الصعب جدا". ويؤكد المتحدث أن المقهى لم يكن مكتظا بالزبائن، وهو ما ساهم في الخفض من عدد الضحايا، إضافة إلى كون بعضهم هرع إلى الخارج بعد سقوط أول الأحجار من السقف. الحادث الأليم خلف قتيلا واحدا يعمل سائقا لسيارة أجرة ركن سيارته بالقرب من البناية وتوجه إلى المقهى لأخذ قسط من الراحة، ليكون قد توجه صوب نهايته. مشهد مأساوي ذلك الذي شهده المكان قبل التعرف على الضحية؛ إذ جلست ابنة هذا الأخير منهارة بالقرب من سيارة الأجرة التي يملكها والدها المركونة غير بعيد عن موقع العمارة تنتظر الخبر المؤسف، اقتربنا من الفتاة لمحاولة معرفة ما بها فكان كل ما استطاعت أن تردد: "والدي لا يمكن أن يفارق سيارته، لا يمكن أن يتركها ويذهب إلى أي مكان"، كأن إحساسها دلها أولا على خبر الوفاة قبل أن تنقله إليها السلطات. من جانبه نفى نبيل بنعبد الله، وزير السكنى وسياسة المدينة، أي مسؤولية لوزارته في الحادث، قائلا إن البناية المنهارة ليست بمنزل آيل للسقوط، مضيفا: "الأمر يتعلق بحي سباتة، وهو من الأحياء غير القديمة جدا، لذلك يتعين تفادي المغالطات والاستغلالات ذات البعد الانتخابوي من قبل البعض". وأوضح بنعبد الله، في تصريح لهسبريس، أن البناية المعنية محاطة ببنايات عادية كما هو الشأن بالنسبة لباقي أنحاء المغرب، معتبرا أن هناك خطأ ما وراء سقوطها. وأشار الوزير إلى أن البناية كانت مكونة من طابقين وصاحبها قرر إضافة طابقين آخرين، بحسب ما توصلت إليه مصالح وزارة السكنى، مردفا أن مالكها "حصل على رخصة من أجل ذلك، كما حصل على رخصة السكن. والمراقبة، في هذا الإطار، تعود إلى مصالح التعمير والمجالس المنتخبة والسلطات المحلية، وبالتالي الوزارة لا تتحمل أي مسؤولية". وأكد بنعبد الله أن وزارة السكنى غير معنية بتسليم رخص البناء أو السكن، خاصة منذ أن سحبت منها صلاحية التعمير، موضحا أنها معنية فقط بتتبع المنازل الآيلة للسقوط، وبإعادة إيواء الأسر المعنية، مضيفا: "عندما قلت إنه إذا ثبت أن سقط منزل آيل للسقوط فأنا مستعد لتقديم استقالتي، فقد قصدت بذلك البرامج المرتبطة بمحاربة السكن آيل للسقوط التي تسهر عليها وزارة السكنى بشكل مباشر". واعتبر الوزير أن سبب انهيار البناية يمكن أن يكون متعلقا بخطأ في البناء أو بإصلاحات أرادت إحدى الأسر إدخالها على الجزء المتعلق بها، مبرزا أن الأحياء المعروفة بأنها آيلة للسقوط بالدارالبيضاء هي المدينة العتيقة، وشارع الجيش الملكي، والحبوس، وبعض المساكن المبنية بشكل غير قانوني في بعض أحياء المدينة وضواحيها.