في أزقة حي "التنك" بمدينة الميناء شمالي لبنان، باشرت جمعية "SEED" بذرة أمل، بتنفيذ مشروع مكتبة عامّة، أطلقت عليها اسم "سندباد"، لتشكّل مساحة للتعلم والدراسة والترفيه لأبناء الحيّ الذي يعاني الفقر والبطالة. فالأجواء المحيطة بالحيّ من الفقر وصعوبة متابعة التحصيل العلمي، أدت إلى ارتفاع نسبة التسرب المدرسي التي بلغت 40% في مدينة الميناء، فيما تجاوزت 60% في التنك، بحسب إحصائيات رسمية. يقول نزيه فينو، العضو المؤسس في "بذرة أمل" إن "المشروع رأى النور، بعد زيارة ميدانية للمنطقة، اطّلع خلالها المتطوعون على حال الأهالي والمشاكل التي يعانون منها وما هي إمكانيات المساعدة، لتتولّد بعدها فكرة المشروع". ويضيف فينو "التلاميذ الذين يأتون إلى المكتبة هم بالأساس مسجلين في المدارس الابتدائية، وما نفعله هنا هو بمثابة مدرسة صيفية تمتدّ على مدار 8 أسابيع، تشكّل دعامة لهم، نساعدهم خلالها في الموادّ التي يواجهون صعوبات فيها. بعد ذلك، يكون قد حلّ موعد العام الدراسي، فنعود ونُكمل معهم البرنامج على مدار السنة". وتتلخص أهداف المشروع بحسب المتحدث نفسه في نقاط ثلاث أولاً: مساعدة تلامذة الحيّ المسجلين بالمدارس وتقديم حوافز لهم لردعهم عن التسرب المدرسي، وثانياً: مساعدة من هم خارج المدارس للالتحاق بالصفوف ومتابعة تحصيلهم العلمي، وثالثاً: خلق جوّ تعليميّ في البيت ولدى الأهالي أيضاً، لتوعيتهم على أهمية التعليم لأولادهم. ويبلغ عدد تلاميذ المكتبة 46 تلميذاً، يُخصص لكلّ مجموعة يحددها القائمون على المكان من حصّة إلى حصتين في النهار، وذلك على مدار 6 أيام في الأسبوع. الطفل محمد خضير، البالغ 12 عاماً، الذي بدأ يتردد على المكان منذ 3 أسابيع، قال إنه يدرس موادّ عدة، وهي اللغات العربية والفرنسية والإنجليزية، إضافة إلى الرياضيات والعلوم. أما شقيقته إسراء، البالغة 10 أعوام، فلم تخف حماسها الكبير للصفوف التي ترتادها، سواءً كان ذلك في مكتبة السندباد أو في المدرسة أثناء العام الدراسي. ويرتكز العمل في جمعية "بذرة أمل" على المتطوعين، إذ يتكوّن الفريق من 5 معلمات، إضافة إلى شخص مسؤول عن إدارة المكتبة. ويعتمد توسيع المكتبة على التبرعات، مادية كانت أو عينية مثل تقديم كتب مدرسية وغيرها. ورغم الفقر المدقع في حيّ "التنك"، ورغم أن معظم الأهالي عاطلون عن العمل، إلاّ أن ذلك لم يمنعهم من وضع تعلّم أطفالهم أولية نصب أعينهم. وكانت أبنية هذا الحيّ قد شُيدت منذ أكثر من 40 عاماً لمهندسين جاؤوا إلى مدينة الميناء لوضع مخطط توجيهي، وبعد رحيل المهندسين وانتهاء المشروع، اتخذ العمال هذه المساكن كمأوى لهم ولعائلاتهم. ولأن الأرض تعود ملكيتها للدولة اللبنانية، فإن السلطات الرسمية تمنع الجمعيات والأهالي من ترميم البيوت. وتترامى بيوت الحي قبالة الكورنيش البحري لمدينة الميناء، في مشهد يشير إلى اسم الحي، حيث جدران البيوت من حجارة وأسقفها من تنك "الصفيح"، موزعة على قسمين المساكن الشعبية والحارة الجديدة، وتأوي أكثر من 600 عائلة. *وكالة أنباء الأناضول