لم يُكسر الصمتَ الجلل الذي ساد ساحة المشور بالقصر الملكي بمدينة تطوان، طيلة 9 دقائق عصر اليوم الأحد، بمناسبة حفل الولاء والبيعة الذي يواكب تخليد الذكرى ال17 لتربع الملك على عرش أسلافه العلويين، سوى عبارات التبجيل التي انطلقت من حناجر المنتخبين مدوية تبجيلا لملك البلاد. وظهر الجالس على عرش المملكة في حفل الولاء والبيعة، واقفا على متن سيارة بيضاء مكشوفة السقف، بخلاف حفل السنة الماضية التي امتطى فيه صهوة جواد أصيل، حيث دلف البوابة الرئيسية للقصر الملكي ب"الحمامة البيضاء"، في تمام الساعة الرابعة و35 دقيقة، وذلك عبر مسار وئيد، كانت صفوف المبايعين تطلق خلاله عبارات الولاء. وفي طقس سلطاني لم يتغير كثيرا عما جرى في سنوات ماضية، اعتلى الملك محمد السادس ظهر سيارة مكشوفة، وهو يرتدي جلبابا مائلا للصفرة، ومرفوقا بنجله ولي العهد الأمير المولى الحسن، وشقيقه الأمير رشيد، حيث كانا يترجلان في الجانب الأيمن من السيارة. وشقت سماء تطوان الوديعة أصوات المبايعين، الذين ترأسهم وزير الداخلية محمد حصاد وإلى جانبه زميله الشرقي الضريس، الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية، وخلفهم مساعدوهما الأقربون، ووفود عمال وولاء أقاليم المملكة، كانوا يصيحون بأعلى أصواتهم "الله يبارك في عمر سيدي". وبدا الملك محمد السادس "مرتاحا" في السيارة التي كانت تقله أثناء حفل الولاء، أكثر مما يكون ممتطيا لصهوة حصانه كما حدث في السنة الماضية، وكان يرد بتحية من رأسه على عبارات البيعة التي تصدرها وفد جهة وادي الذهب العيون بوجدور الساقية الحمراء كلميمالسمارة، قبل وفود باقي جهات المملكة. ولأن حرارة تطوان لم تكن لافحة بالقدر الذي يتطلب متابعة الملك بتغطيته من أشعة الشمس، فإن "خدم القصر" خلف السيارة الملكية كانوا يتناوبون على حمل مظلة مخزنية بلون أحمر قانٍ، لكن دون أن يفتحوها لحماية الملك من ضربة الشمس، وذلك وسط أهازيج شعبية تدعو لملك البلاد بالسؤدد وطول العمر. وطغى اللون الأبيض على سواه في ساحة المشور في قصر تطوان، حيث اصطف المئات من المنتخبين على "قلب رجل واحد"، يكررون نفس عبارات الولاء التي ألفوا ترديدها كل سنة، لتجيبهم أصوات الخدم "الله يصلحكم قال ليكم سيدي"، و"الله يرضي عليكم قال ليكم سيدي"، و"تلقاو الخير قال ليكم سيدي". وبعد انتهاء الوفود من طقوس حفل الولاء والبيعة، بحضور ومتابعة من شخصيات مغربية وأجنبية سامية ظلت تراقب المشهد الأبيض الناصع من منصة على جوانب القصر، عادت سيارة الملك أدراجها لتدخل على بوابة القصر الكبيرة، على وقع إطلاق المدفعية لخمس طلقات تعبيرا عن الفرح بهذه المناسبة. وأفضت عودة سيارة العاهل المغربي إلى بوابة القصر التي دخلت منها، إلى شيء من "الارتباك والتدافع"، حيث كان حراس خاصون يدفعون منتخبين بجلابيبهم البيضاء وطرابيشهم الحمراء المخزنية، من اجل فسح الطريق للسيارة، فيما كان العاهل المغربي منشغلا بتحية الحاضرين تارة بيده وتارة أخرى برأسه.