أفتى الشيخ عبد الباري الزمزمي بجواز نكاح المرأة الميتة من طرف زوجها ، واعتمد في فتواه على " الذين آمنوا و كانوا مسلمين ادخلوا الجنة أنتم و أزواجكم تحبرون" . وانتهى إلى أن الزوجة تبقى زوجة الرجل وتدخل الجنة صحبة زوجها إن كانا مؤمنين . كما وضح أن الرجل يظل مرتبطا مع زوجته ما لم يطلقها ، وهذا يعطيه حق مضاجعتها وهي ميتة . وهو ما ذهب إليه ابن حنيفة أيضا . لكن يحرم مضاجعة غير الزوجة ،ويعد ذلك "زنا" يقع الحد على من قام بفعله . وإذا ذهب عبد الباري الزمزمي إلى أن من ينكح زوجته وهي ميتة يكون قد قام بعمل مستهجن .وأن إتيان الرجل زوجته الميتة أمر منبوذ ،غير مقبول، وغير مستساغ ولا يقبله أحد . والزوجة كما يقول عبد البارئ الزمزمي تظل زوجة الرجل في حياتها وفي مماتها وكما هو واضح في القرآن وأقوال الصحابة. وهو "قول" يتقبله المؤمن وحتى من لا يؤمن إلا بالعقل . ففعلا زوجة الرجل هي زوجته ولو هي ميتة ، لا جدل في ذلك . وإن كان أمر مضاجعة الزوجة الميتة أمر شنيع ، بشع لا يقوم به إلا من هو مختل الطبع أعوج المزاج . ولقد بين عبد البارئ الزمزمي أن الموت "فَزَع" ، وموت الحبيب حزن ، ومراجعة وتذكرة للكف عن فعل السوء والتوبة . وإذا كان الأمر كما سلف ، فكيف سيستسيغ أي فرد مضاجعة زوجته التي كانت لباسه وكان لباسها حينا من الدهر ، وقد يكون قد تحقق إشباع هذا من تلك والعكس صحيح ؟. لكن ومع ذلك ، تعرضت جرائد كثيرة لأحداث مثل الذي سبق ، وضاجع الحي الميتة إما من أجل الانتقام ، أو من أجل الدخول بالميتة بعدما فشل الجاني في الحصول على شهوته والميتة حية ، لأنها تكون قد رفضته في حياتها ، ويكون قد كان يحبها إلى حد الجنون. في هذه الحالة يعتبر الفعل زنا وجريمة ، ويجب أن يعاقب صاحب الفعل حسب قانون البلد. من اطلع على فتوى عبد البارئ الزمزمي من غير المسلمين سيعتقد قطعا أن "الرجال" من المسلمين لا يقنعون ولا يشبعون من الجنس ، أو أن الرجال من المسلمين يحبون نساءهم إلى حد الجنون . والحقيقة المرة التي تدار في الكواليس ،أن هناك رجالا من المسلمين لا يمارسون الجنس مع زوجاتهم قطعا، وإلا فترات جد متقطعة، لأن تلك الزوجات يرفضن ممارسة الجنس مع أزواجهن تحت أكثر من ذريعة . وفي الغالب تكون تلك الذرائع واهية ، الأمر الذي يدفع بالرجل إلى مضاجعة غيرها سرقة. وقد تكون قد بحثت عن غيره سرقة كذلك ، أو بها مرض في أحسن الأحوال وهي تخفيه عنه. وهذا عذر ، لا بأس إن كانت نيتها صادقة، من مصارحة زوجها بأمرها ، فتسمح له بالزواج ثانية . والفتوى التي ستنفع الأحياء ، وتجنب المسلم الزنا ، كان من الأفضل أن تعالج مسألة " رفض المرأة ممارسة الجنس الحلال مع زوجها في أيامنا هذه ، وبعدما أصبحت الزيجات يعتقدن أن المدونة ، والجمعيات النسائية إلى جانبهن، وكذلك القضاء الذي أصبح يؤمن بأن " الحق " إلى جانب المرأة ظالمة أو مظلومة. والسؤال ،هل في هذه الحالة من حق الزوج أن يكره زوجته على ممارسة الجنس معه بالقوة ؟؟؟ وستكون حجته أنها زوجته ، وبينه وبينها عقد نكاح ، وأن هذا العقد يجيز للزوج إجبار زوجته على ممارسة الجنس الحلال معه ولو اضطر إلى تكتيفها . أم في هذه الحالة سيخرج أصحاب " حقوق الإنسان " لاتهام الرجل بأنه يعنف زوجته ، ويكرهها على الجنس . وأن عقد النكاح الذي بينه وبينها لا يساوي ثمن الحبر الذي كتب به، بعدما كان ميثاقا غليضا؟؟؟ وحتى لا نظلم أحدا ، فهل من حق الزوجة إكراه زوجها على مضاجعتها في حالة رفض الرجل ممارسة الجنس مع زوجته والاستغناء عنها بغيرها؟؟؟ فالحجة التي ساقها عبد البارئ الزمزمي على أن الزوجة تضل زوجة الرجل ولو بعد الممات ، يظهر أنها صعبة التطبيق في مجتمع " مرتبك" يدور في فراغ ، لا هو بالشرقي ولا هو بالغربي ، يسارع إلى تطليق الزوجة من الرجل عند أول سوء تفاهم بينهما ، وقد يكون هذا السبب متعلق " بالجنس" حيث إما أن الزوجة لم تجد ضالتها عند الرجل .أو أن الرجل لم يجد ضالته عند المرأة. ألم يبني فرويد كل المشاكل على " الجنس "؟؟ وهذا صحيح إلى حد ما، فالمرأة إذا أحبت الرجل، ووجدت عنده ما تريد وتشتهي أعطته كل ما عندها. والرجل إذا أحب المرأة ووجد عندها ما يبحث عنه ، قدم لها ما تريد . ومن ذلك ، المثال الذي ساقه عبد البارئ الزمزمي " نكاح الزوجة الميتة" ، حيث قد يعمي الهيام والحب إلى حد الجنون الزوج ، فينكح زوجته ويودعها الوداع الأخير. ولعل الكثيرين سيتساءلون عن الرابط بين فتوى عبد البارئ الزمزمي والظرف أي "أسباب النزول" والبلدان العربية تمر من لحظات مخاض كبير ، بين الشعوب وأنظمتها . وقد يذهب البعض إلى أن فتوى لا تنفع الأموات ولا الأحياء ، هدفها التشويش عن فكر أولئك الذين يرغبون تغيير بعض قوانين اللعبة في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة أو شيء مثل ذلك. لأن الوضع القائم اليوم لا يتيح حرية التفكير ، وحرية التصرف ، ويضمن حقوق الجميع . إذ هناك من يستفيد من هذا الواقع المتردي بالفساد، و الذي يستشري في جميع الإدارات العمومية والخاصة والتي قلبت كل المعادلات وأرصت جميع المصطلحات ليكون صاحب القرار في وظيفته " سيدا" وغيره " عبدا" عليه السمع والطاعة . وكي يضل الجمود المصاحب للاستحواذ على كل الامتيازات أمرا مرافقا لطبقة دون أخرى. والمأمول من عبد البارئ الزمزمي وغيره من العلماء أن يخرجوا للدفاع عن الأسرة المغربية التي أصابها الكساد الأعظم . فلا الرجل بقي رجلا، ولا المرأة بقيت امرأة، ولا الابن بقي ابنا، وبدأت الزوجة تفر من زوجها، أو العكس، وتعشق آخر، والابن يفر من والديه ويعشق المال والنيت والبنات ،إلا من رحم الله. وإننا في المغرب أصبحنا نحتاج فعلا إلى دراسة اجتماعية وافية هدفها " الأسرة" والتطور الذي تعرفه ، صعودا وانحدارا. وما الحقد الذي بدأ يطفو في بعض الأحوال ، داخل أسر كثيرة وعائلات ،إلا نتاجا عن تطور نظام الأسرة بسلبية مفرطة ، حيث انعدم الاحترام بين الأبناء والآباء ، أو بين الأزواج.وأصبحنا نلاحظ عبر وسائل الإعلام كيف أصبح الابن يعالج الأمور مع أبيه أو أمه بجفاء وجفاف في العواطف. أو بين الزوجة و زوجها وكأنهما عدوان لم يكن بينهما "حب" في وقت سابق. لقد تحولت الأسرة من فكر مثالي حافل بالقيم الجميلة إلى فكر مادي صرف جاف، يصعب معه دوام أسر بكاملها . لقد تحولت الأسر إلى شركات مبنية على مصالح " ضيقة " وليس على أساس قرابة ورحمة ومودة. ولا ندري أبعد هذا سينكح الزوج زوجته الميتة، أو تعانق الزوجة زوجها الميت ، أم يتمنى هذا أو تلك اللحظة التي سيوارى هذا أو تلك التراب ، من أجل الظفر بالمراد ، إرثا كان أو حبيبا كان في الاحتياط . عدا من آمن واتقى.