توجت التحركات الرسمية التي قام بها عدد من مستشاري الملك محمد السادس، ووزير الشؤون الخارجية والتعاون، صلاح الدين مزوار، بالإضافة إلى وزيره المنتدب ناصر بوريطة، بتقدم الملك محمد السادس بطلب رسمي إلى منظمة الإتحاد الإفريقي من أجل نيل المملكة للعضوية من جديد، بعدما كانت قد انسحبت من منظمة الوحدة الإفريقية عقب اعترافها ب"الجمهورية العربية الصحراوية". الملك محمد السادس كلف رئيس مجلس النواب، رشيد الطالبي العلمي، بتسليم رسالته إلى القمة التي تنعقد في كيغالي الرواندية، وحملت إشارات قوية إلى الدول الأعضاء، خاصة في علاقتها مع جبهة البوليساريو؛ حيث شدد على أن المغرب رغم انسحابه من منظمة الوحدة الإفريقية إلا أنه لم يغادر أبدا إفريقيا، وإنما انسحب سنة 1984 في ظروف خاصة، ومن إطار مؤسساتي قار، متسائلا: "أليس الاتحاد الإفريقي في وضعية تعارض واضح مع الشرعية الدولية؟ فهذا الكيان المزعوم ليس عضوا لا في منظمة الأممالمتحدة، ولا في منظمة التعاون الإسلامي، ولا في جامعة الدول العربية، ولا في أي هيأة أخرى، سواء كانت شبه إقليمية أو إقليمية أو دولية". التحاق المغرب بأكبر المنظمات على الصعيد الإفريقي يطرح عددا من الإشكالات، خاصة وأنه سيجلس إلى جانب مسؤولين من جبهة البوليساريو، التي تحظى بعضوية كاملة في الاتحاد، كما أنه قد يواجهها في عدد من لجان المنظمة، في وقت لا يعترف فيه ب"الجمهورية الصحراوية". ويؤكد الباحث في الشؤون الدولية أحمد نور الدين أن هناك ملاحظة شكلية قبل الحديث عن عودة المغرب إلى الاتحاد الإفرقي، ذلك أن الأمر لا يتعلق بعودة، بقدر ما هو التحاق، بالنظر إلى أن المنظمة الحالية مختلفة عن منظمة الوحدة الإفريقية التي "دفنت سنة 2002 في العاصمة الليبية طرابلس، على عهد العقيد معمر القذافي؛ حيث تم إنشاء منظمة جديدة تحت اسم الإتحاد الإفريقي، ما يحتم على المغرب تقديم طلب جديد على غرار الدول الجديدة، كجنوب السودان وغيرها". واعتبر أحمد نور الدين، في حديث لهسبريس، أن التحاق المغرب بالمنظمة يجب أن يكون مشروطا بطرد "الدولة الصحراوية"، معللا ذلك بصعوبة تغيير العقيدة الدبلوماسية للمغرب والجلوس مع "الكيان الوهمي"، في حين إن الميثاق الجديد للإتحاد الإفريقي يؤكد أن تقديم أي دولة لطلب الالتحاق به يجب أن يعرض على مجموع الأعضاء، ما يعني أن الطلب المغربي سيعرض على "الكيان الوهمي" في تيندوف. وتساءل المتحدث ذاته عما سيضيفه التحاق المملكة بالإتحاد الإفريقي بالنسبة للدبلوماسية المغربية، مذكرا بأن أزيد من ثلثي الدول لا تعترف ب"الكيان الوهمي"، ذلك أن مجموع الدول التي تعترف به لا يتجاوز 13 دولة من أصل 54، كما شدد على ضرورة وجود إستراتيجية مدروسة من أجل إخراج هذا الكيان. "المفترض أن توجد خطة يتبناها المغرب في الكواليس، وتتقدم مجموعة من الدول بطلب طرد الكيان من الإتحاد، وتتشكل من النواة الداعمة للمغرب، خاصة دول غرب إفريقيا التي لم تعترف يوما بهذا الكيان"، يضيف أحمد نور الدين، مؤكدا أن عدد هذه الدول يقدر ب 11 دولة لم تعترف أبدا بالبوليساريو، وذلك وفق خطة قانونية وزيارات مكثفة للدول الإفريقية، وعدم الاقتصار على زيارات آخر ساعة، كما حدث مؤخرا. وتابع الخبير في العلاقات الدولية التأكيد على أن خطة إخراج هذا الكيان من الإتحاد تقتضي، أيضا، خطة دبلوماسية يعدها المغرب من جميع الجوانب القانونية من أجل تقديم مقترح تجميد العضوية في جدول أعمال القمة الإفريقية، وإعداد الميدان بشكل جيد، وذلك بالنظر إلى أن "الدولة الصحراوية" لا تتوفر على مقومات الدولة، "بل إن الجزائر تلاعبت بالميثاق السابق للمنظمة الذي يؤكد على أن تكون الدول قد استقلت من الاحتلال وتتمتع بالسيادة الكاملة على أراضيها، وأن يكون لها شعب كامل، وهذا ما لا يتوفر في الكيان الوهمي"، يضيف المتحدث ذاته.