في خضم تنامي الجماعات المسلحة في كل من الساحل والصحراء، وما تشهده منطقة الشرق الأوسط من تحولات، اختارت الجارة الشرقية أن تسير على منوال المغرب، وتدخل هي الأخرى تعديلات جديدة على قانونها الجنائي، من أجل تشديد العقوبات على الأشخاص الذين ترتبط أسماؤهم بقضايا الإرهاب، أو الانضمام إلى الجماعات المسلحة. ونشرت الجريدة الرسمية الأخيرة بالجزائر الأحكام الجديدة من القانون الجنائي المتعلق بالمرشحين الجزائريين أو الأجانب المقيمين بالجزائر الراغبين في الانخراط في صفوف الجماعات الجهادية، لتدخل بذلك هذه الأحكام حيز التنفيذ بداية من الحادي عشر من هذا الشهر. ومن أبرز التعديلات التي تضمنها القانون الجنائي الجزائري عقوبة سجنية ما بين خمس وعشر سنوات، وغرامة مالية ما بين 100 ألف و500 ألف دينار جزائري، لكل مواطن يحمل الجنسية الجزائرية أو يقيم في الجارة الشرقية، سواء بصفة القانونية أو غير قانونية، حاول السفر إلى بلد آخر من أجل ارتكاب أو إعداد أو تنظيم أو المشاركة في أعمال إرهابية، وكذا تقديم أو تلقي تدريب لقيام بهذه الأعمال. وفيما سيكون المتورطون في التجنيد في الشبكات الإرهابية عرضة للعقوبة نفسها، صنفت مسألة تقديم أو جمع الأموال بأي وسيلة، سواء مباشرة أو غير مباشرة، لاستخدامها أو المساهمة بها في تمويل "حركات إرهابية محتملة"، كجريمة تصل عقوبتها إلى عشر سنوات و500 ألف دينار جزائري كغرامة. وينص القانون الجنائي المذكور على عقوبات مشددة في حق مقدمي خدمات الإنترنت لصالح أعمال إرهابية، تتراوح بين سنة وثلاث سنوات، بالإضافة إلى غرامة قدرها مليونا إلى عشرة ملايين دينار جزائري. كما سيعاقب الذي "لا يتدخل فورا لوضع الأجهزة التقنية لإزالة أو تخزين بعض المعطيات أو تقديم بيانات لا يمكن الوصول إليها لأنها تحتوي على الجرائم المنصوص عليها، إذ يعتبر محتواها جريمة بموجب القانون الجنائي"، حسب التعديلات الواردة. هذه التعديلات تأتي بعد أكثر من سنة على اعتماد المغرب عددا من التعديلات على قانونه الجنائي في هذا المجال، شملت القواعد الجنائية المتعلقة بمكافحة الإرهاب، و"تروم إدراج مجموعة من الأفعال ذات الصلة بمعسكرات التدريب ببؤر التوتر الإرهابية، بوصفها جنايات معاقب عليها بالسجن من 5 إلى 15 سنة، مع تخصيص الشخص المعنوي بعقوبات تتلاءم وطبيعته القانونية". الخطوة الجزائرية قرأها الخبير في الشأن المغاربي، والأستاذ بمعهد الدراسات الإفريقية بالرباط، المساوي العجلاوي، على أنها تدخل في سياق ما أسماه "نسخ الجزائر بشكل واضح لكل القرارات التي تقوم بها المملكة"، كما رصد في هذا المجال عددا من القضايا التي تسير فيها الجارة الشرقية على هذا المنوال. وأوضح الموساوي العجلاوي، في تصريح لهسبريس، أن الجزائر اختارت تقليد المغرب حتى في مسألة خطب الجمعة ومراقبة المساجد والشأن الديني بشكل عام، وذلك في سياق النجاح الذي حققته المملكة في هذا المجال. ولم يتوقف "التقليد الجزائري" عند هذا الحد، بل امتد إلى خلق عدد من المؤسسات التي كان المغرب سباقا إلى إنشائها، يضيف المتحدث ذاته، على غرار المجلس الوطني لحقوق الإنسان، وهيئة محاربة الرشوة، وكذا مسألة التعديلات الدستورية؛ مرجعا ذلك إلى كون الجزائر لم تكن تتوفر على دولة قبل الاستعمار، عكس المغرب. *صحافية متدربة