وسؤال المنهجية والتنفيذ ، لكل مرشح مقبل على إعداد أطروحة الدكتوراه يقول له أستاذه المشرف : - مبدئيا قسم موضوعك إلى قسمين لتناقش فيه فكرتين رئيسيتين ، - واستثنائيا قسم موضوعك إلى 3 أقسام لتناقش فيه 3 أفكار رئيسية ، وأما الباقي من فصول وفروع ومباحث ومطالب وفقرات ... الخ ، ما هو إلا تفاصيل ... التفاصيل ولما اطلعت على برامج الزميلات والزملاء القضاة المرشحين للعضوية بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية لاحظت ما يلي : 1 - الملاحظة الأولى وهي تتعلق بوجود تشابه كبير بين هذه البرامج : وهذا ليس عيبا لأنهم اي القضاة يمارسون نفس المهنة اي الفصل بين الناس ، ولأنهم خريجو نفس المدرسة أو المؤسسة العتيدة وهي (( القضاء )) ، ولأنهم يتقاسمون نفس الهموم وهي : استقلال القضاء ، وحل المشاكل المهنية والشخصية للقضاة ، والتكوين الأولي والمستمر الجيد للقضاة حتى يكون (( سيدي و مولاي )) وحتى (( يكون فمو قد دراعو )) أي تمكينه من كفاءة مهنية ممتازة حفاظا على كرامته وسمعته المهنية وحقوق المواطنين والمتقاضين الذين يسعون او يتطلعون إلى أمن قانوني و امن قضائي حسب الاصطلاح المتداول و أنا شخصيا أفضل استعمال مصطلح " الطمأنينة القضائية " للمواطن ... وهذا موضوع آخر 2 - الملاحظة الثانية شكلية ومنهجية : وتتعلق بالإغراق في التفاصيل والجزئيات والتكرار أحيانا ، وحبذا لو انه في كل برنامج مبسط يحدد المرشح هدفين أو 3 أهداف رئيسية يسعى إلى تحقيقها قدر المستطاع ، ثم يوضح ما هي التفاصيل والوسائل والآليات التي ينوي اعتمادها لبلوغ هذه الأهداف كليا او جزئيا . 3- الملاحظة الثالثة براغماتية : وهي محاولة " بعض المرشحين " مسك القاضي الناخب من اليد التي توجعه و هي : الانتقالات والترقيات وتوزيع المسؤوليات والتأديبات والشكايات ، أي الاهتمام بشخص القاضي ، وفصله عن الاهتمام بالمؤسسة التي يعمل فيها القاضي وهي القضاء ، في حين انه يصعب الفصل بين القاضي كشخص والقضاء كمؤسسة ، وكل منهما يؤثر في الآخر ، ربما في 50 او 100 سنة سيتيسر الفصل بينهما لما يصير القاضي عبارة عن روبو او جهاز حاسوب نزوده مثلا بمعطيات عن دعوى الإفراغ او أداء دين او جنحة سرقة ... الخ ، ويعطيك المنطوق فورا وبعد دقائق ولكن هذا غير ممكن الآن إنسانيا واجتماعيا وتقنيا وقانونيا ... ؟ لنرجع إلى موضوعنا ، البرنامج المبسط يسهل فهمه وإدراكه بسرعة ، والتواصل بشأنه مع الناخبين ، ومحاسبة المنتخب في ضوئه عند انتهاء ولايته عما أنجز وما لم ينجز وارى البرنامج المثالي أو البرنامج " سطاندار " كالآتي ، كأطروحة جامعية مقسمة إلى 3 أفكار أو 3 أبواب رئيسية : I - الدفاع عن استقلال مؤسسة القضاء على ارض الواقع وليس كشعار فقط II - حماية القاضي من كل اعتداء ومهما كان مصدره ، وتدبير موضوعي وعادل لملفه الإداري ومساره المهني III - تقوية القدرات المهنية للقضاة والرفع من مستوى كفاءتهم في القضائين الواقف والجالس بما يعزز ثقة المواطن و الأجنبي في قضائنا الوطني فيصير قضاء شامخا *** هذه الإستراتيجية العامة طبعا ، سيبقى لكل مرشح تاكتيكه الخاص به للوصول وتحقيق هذه الأهداف الكبرى *** يقول مثل فرنسي الأفكار البسيطة هي الأكثر نجاحا LES IDEES LES PLUS SIMPLES SONT LES PLUS REUSSIES خلاصة القول : البرامج يجب أن تكون بسيطة وواقعية ، ومفهومة و سهلة الهضم ، نعم ، كونها متشابهة ليست مشكلة ، ولكن كيف سيتم التنفيذ و بأية وسائل : ثمة يكمن السر المكنون ؟ ، ثمة مربط الفرس و " كلها وشطارتو " أليس وعد الحر دين عليه ؟ وفي الختام ندعو بالتوفيق للجميع ، والنتائج تحسمها صناديق الاقتراع ، ومن عمل واجتهد فعلى الأقل له أجر الاجتهاد . *دكتور في الحقوق