على شاكلة مدن مغربية عدة، لمراكش أيضا، كحاضرة عريقة، عادات وتقاليد قبل وخلال شهر الصيام، تشمل مختلف مناحي الحياة اليومية داخل المجتمع المغربي، سواء تعلق الأمر بالجانب الغذائي أو اللباس أو أداء الشعائر الدينية، أو صلة الرحم وكرم الضيافة. فقبل حلول الشهر الفضيل، تحيي نساء مراكش ما يعرف ب"شعبانة"؛ حيث يتزينّ بالحناء والعطور ويجتمعن حول فرقة "اللعابات"، إيذانا باقتراب أيام الغفران وطي صفحة اللهو والملذات، تقول الفاعلة الجمعوية لطيفة العاصمي. بعد هذا الحفل الذي ينظم في منتصف شعبان تقريبا، تقوم النساء بتنظيف المنزل وكافة الأواني بمادة "الصقلي"، ويقمن بتحضير المواد والتوابل الضرورية لإعداد الحساء والحريرة و"الحلوى الشباكية" وكمية كبيرة من"سلو" قبل حلول الشهر الكريم. أما ليلة رمضان، فتعتبر في الأيام الخوالي لحظة متعة وسعادة للفتيات والنساء اللائي يسمحن لهن بصعود أسطح المنازل لرؤية الهلال وإطلاق الزغاريد بين الجارات، لينطلق بعدها "الغياط" أو "النفار" الذي يقوم بمهمة إيقاظ الناس للسحور، مناديا: "مبارك هذا الشهر أمالين الدار، عطيونا حق النفار". ودأب المراكشيون على الاحتفاء بالطفل أو الطفلة التي تقترب من سن وجوب الصيام أو عندما يصوم يومه الأول، بإقامة فطور فاخر على شرفه ويلبسونه اللباس التقليدي، أما الفتاة فتعامل كالعروس، تزين على شاكلتها وتجلس في"المرتبة"، وتطلق الزغاريد تشجيعا للصغار على الصيام. هسبريس زارت أسرة أسماء ذات 12 سنة، التي جربت الصيام لأول مرة فأوضحت أن "الأمر يعتبر تجربة خاصة تزاوج فيها العطش والجوع ورغبة في إثبات الذات، بعد تشجيع متواصل للوالدين"، مضيفة أن "الاحتفاء زادها رغبة في المواصلة، لكن قيظ مراكش وارتفاع منسوب الحرارة هذه الأيام منعاها من ذلك". لِحوْمَات مراكش في الماضي أيضا تقليد ينم عن التكافل الاجتماعي والتعاون، بين أغنيائها وفقرائها، تقول العاصمي، موردة أن الأسرة الميسورة دأبت في حارات المدينة العتيقة على إعداد الحريرة والحساء بأنواعه من "ذرة" و"إيلان" و"شعير" ليستفيد منها المعوزون وعابرو سبيل. ومن أبرز الطقوس الغذائية للمراكشين في الماضي، بحسب المتحدثة ذاتها، مائدة الفطور التي تتكون من حريرة وشباكية وتمر وبيض وبريوة، الشيء الذي أضحى معرضا للاندثار من الوجبات الرمضانية لأهل عاصمة النخيل الذين أصبحت موائدهم اليوم تكتسحها أنواع يحضر معظمها خارج المنزل ك"بينزا" و"بغرير" و"محنشة". وللعيد بعد انتهاء أيام الصيام طقوس لدى سكان البهجة؛ حيث يتم تحضير وجبة العصيدة للفطور، أو"هربل" لدى الأمازيغيين، وخروج الرجال للصلاة دون النساء، أما "التريد بالدجاج" فهو الوجبة الرئيسية للغذاء العائلي. الفتاة المخطوبة أيضا لها حق على خطبيها خلال رمضان؛ إذ يغمرها بمناسبة النصف و27 من الشهر الكريم وعيد الفطر، بهدايا متنوعة من لباس ودجاج ووجبة "تريد"، فيما يتكفل أبوها بذلك خلال سنة من زواجها.