في وقت لازال المغرب يجري مفاوضات مع الأممالمتحدة من أجل إيجاد صيغة لعودة المكون المدني من بعثة "المينورسو" بالصحراء، بعد أن كان قد طرد 84 عنصرا منه، تكثف جبهة البوليساريو تحركاتها من أجل الضغط في اتجاه عودة أعضاء البعثة بشكل كامل. يأتي ذلك في سياق كشفت وكالة الأنباء "رويترز" أن المغرب اقترح السماح بعودة 25 موظفا مدنيا فقط، استجابة لقرار مجلس الأمن الأخير، الذي نص في أحد بنوده على عودة المكون المدني من "المينورسو"، بعد إقدام المغرب على طرده، تفاعلا من الأزمة الأخيرة التي نشبت على خلفية تصريحات الأمين العام الأمين للأمم المتحدة، بان كي مون، التي وصف من خلالها سيادة المغرب على الصحراء ب"الاحتلال". محاولات الضغط التي تقوم بها جبهة البوليساريو جاءت من خلال عدد من الأنشطة التي تنظمها في عدد من الدول الأجنبية، فبعد أن نظمت أنشطة في كل جزر الكاناري الإسبانية والإكوادور في أمريكا اللاتينية، بدأت الجبهة توسع من حيز أنشطتها لتشمل أيضا أستراليا، من أجل الترويج بشكل أكبر لأطروحتها الانفصالية. القيادي في جبهة البوليساريو، وعضو أمانتها العامة، أحمد البخاري، خرج من مقر الأممالمتحدة لدعوة المجتمع الدولي إلى ضرورة عودة المكون السياسي لبعثة المينرسو، وتنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء، مشددا على أن هذه القضية مسجلة على أجندة الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي. وفي الوقت الذي تحدث عن الزيارات التي قام بها المسؤولون الأجانب إلى مخيمات تيندوف، بما فيها زيارة الأمين العام للأمم المتحدة، اعتبر البخاري أن أي تأخير في إيجاد حل للقضية "سيتسبب في حرب دامية على مدى ستة عشر سنة"، وأن أي "تقاعس أو تماطل أو تهاون في الحل سيكون تهديدا حقيقيا ودائما للسلم والأمن والاستقرار في المنطقة". ويقول الباحث والخبير في الشؤون الصحراوية أحمد نور الدين إن أهم رسالة وجهها المغرب من خلال طرد المكون السياسي للمينورسو هي أن "المملكة تمارس كامل سيادتها على الصحراء، وليست قوة إدارية كما تصفها الجزائر"، مضيفا: "المغرب حين يفاوض الأممالمتحدة فلأنه اختار المسار السلمي منذ بداية الصراع سنة 1976، لأن البديل في حالة الرفض القاطع هو ما قاله كوفي عنان سنة 2002، أي سحب "المنورسو" بشقيها المدني والعسكري، وهو ما يعني عملياً بداية حرب إقليمية طاحنة بين المغرب والجزائر، يبدو من خلال عدة مؤشرات أن نشوبها مسألة وقت فقط". أما عن الضغوط التي تمارسها الجبهة، وخاصة التلويح بالعودة إلى السلاح، "فلأنها تدرك أنها في حالة موت سريري، ولا تنقصها إلا شهادة الوفاة الأممية"، يقول نور الدين، مضيفا: "الشيء الوحيد الذي لازال يعطيها منبراً لتضليل الرأي العام المحلي في تندوف وفي أقاليمنا الجنوبية هي المفاوضات.. وإذا استمرت الأزمة بين الأممالمتحدة والمغرب، فإن ما يسمى "مفاوضات" ستبقى مجمدة إلى أجل غير مسمى، ما سيُعجل بتفجير الأوضاع الداخلية في المخيمات وتسريع الانهيار الكامل للجبهة". وعن مقترح 25 عضوا بدل 84 من أفراد بعثة المينورسو، يقول أحمد نور الدين، إن ذلك يدخل ضمن خطوات يبذلها أصدقاء المغرب على الخصوص من أجل إيجاد حل وسط، وكذا ليتخذ هذا المكون السياسي شكل بعثة زائرة غير مقيمة في الصحراء، أي تقوم بزيارات دورية من أجل أهداف محددة في الزمان. وفي مقابل ذلك، أكد نور الدين أن المغرب يملك عدة حجج من أجل إلغاء هذا المكون السياسي، وعلى رأسها أن الأممالمتحدة هي التي أعلنت استحالة تنظيم استفتاء في الصحراء سنة 2002 على لسان أمينها العام الأسبق، وبالتالي فإن مهمة هذا المكون لم تعد قائمة، مضيفا: "وبذلك تكون توصية مجلس الأمن في قراره الأخير باستئناف المنورسو لمهامها كاملة لا تتناقض مع طرد المكون السياسي، ما دام موضوع النقاش في مجلس الأمن هو إيجاد حل سياسي متوافق عليه، وليس تنظيم استفتاء، وما دام المكون العسكري المكلف بمراقبة وقف إطلاق النار لم يتأثر بالقرار المغربي".