قبل أن تشرع في إعداد تصميماتها، تدخل كماليا الغازي في "حوار" مع خاماتها التي تختارها بنفسها وبعناية. "أنا مصممة روحانية" تقول المصممة الشابة التي تحاول بإبداعاتها ردم الهوة بين الشرق والغرب، ولا تزيدها انتقادات خيرت فيلدرز للإسلام والمسلمين في هولندا إلا "إصرارا" على الخلق والإبداع. أمنيتها الكبيرة أن تحمل الأميرة سلمى إحدى إبداعاتها. بين عالمين فكرة الربط بين الشرق والغرب فكرة سحرت الكثيرين قبلها. هي تلك المراودة الأزلية للمزج بين الروح والجسد. تنطلق المصممة الشابة من مبدأ استنباط ما هو إيجابي في العالمين لبث روح الحداثة والعصرنة في الإبداع المغربي التقليدي. "ما أقوم به عبر تصميم الملابس المغربية التقليدية الخاصة بالحفلات، هو بناء جسر بين الغرب والشرق وخلق مزيج بين الثقافتين في عالم الموضة. أعمل إذن على إعطاء الملابس المغربية التقليدية حُلة عصرية جديدة. أحاول استنباط ما هو إيجابي من العالمين، الغرب والشرق، وهذه أيضا رسالتي التي أوجهها للجميع وفي كل الميادين". بدأت المصممة الهولندية كماليا الغازي المنحدرة من مدينة الحسيمة المغربية رحلتها مع التصميم منذ صغرها، عندما كانت ترسم على الورق ما تحسه بإحساساتها و تتخيله بخيالها الواسع وتراه بعينها "كأن يكون ذلك لونا أو منظرا" في الطبيعة. كانت في البداية تصمم لنفسها وسرعان ما جلبت انتباه الآخرين لتصميماتها الفريدة، فطُلب منها أن تصمم لغيرها. تطورت الفكرة لتصبح ورشة متكاملة للتصميم والخياطة. كان ذلك منذ أكثر من عشر سنوات ولها الآن زبناء من مختلف شرائح المجتمع وخاصة من علية القوم. "زبنائي هم خاصة من ميسوري الحال، ولكن أيضا من مختلف شرائح المجتمع؛ هولنديين ومغاربة وأتراك وغيرهم. إبداعاتي متعددة الثقافات". مصممة روحانية لم تتخرج كماليا من أكاديمية خاصة في التصميم الراقي، ولكنها تعتمد أساسا على فطرتها وإحساسها ونظرتها للطبيعة وتصورها للألوان، وتتواصل مع خاماتها بلغة روحانية مبتكرة. "أنا مصممة روحانية، أتحاور مع القماش أثناء التصميم والتنفيذ، وعن طريق هذا الحوار أعرف كيف أقطع الخامة ومتى أتوقف". هذه العلاقة 'الروحانية‘ بين المصممة وإبداعاتها تجعلها أيضا حريصة على أن يكون الزبون جديرا بها. وكثيرا ما تتوقف عن تنفيذ فكرة ما حينما "يتوقف الحوار". بخطى حثيثة ومتأنية بدأت كماليا تشق طريقها في عالم الموضة والتصميم، وهي واثقة من أنها ستصل يوما لغايتها. زبناؤها يقصدونها الآن من مختلف بلدان أوربا الغربية حيث تمكنت من تأكيد اسمها في عالم 'الموضة الراقية‘. إلا أن أبواب الشرق الذي تجسده في تصاميمها ما تزال موصدة وتراودها الرغبة في اقتحامها. شاركت كماليا مؤخرا في المغرب بإبداعاتها ضمن فعاليات الدورة الثامنة لمعرض 'مغرب برميوم‘ (Maroc Premium) الذي نظم في مدينة الجديدة (جنوب) مع بداية شهر أبريل. 'مغرب برميوم‘ يعد أرقى المعارض من نوعه في المغرب، يعرض فيه مبدعون ومصممون معروفون ومن جنسيات مختلفة. كانت كماليا الهولندية – المغربية هي الوحيدة التي مثلت هولندا في هذا الملتقى الدولي. حلم أميري عندما زارتها إذاعة هولندا العالمية في ورشتها الواقعة في قرية هادئة تدعى سبرانغ – كابيله القريبة من مدينة والفايك (جنوب)، كانت كماليا منهمكة في تنفيذ بعض تصاميمها. سألناها عمن يحمل إبداعاتها من المشاهير في هولندا. نبيلة مريحبا أو "ميمي" في المسلسل المغربي المشهور "ياك حنا جيران" (نحن جيران)، بالإضافة إلى نساء معروفات في المجتمع الهولندي المخملي. غير أن أمنيتها العزيزة على نفسها هي أن توصل إبداعاتها للأميرة 'لالة سلمى‘ زوجة الملك محمد السادس. تسرح كماليا بنظرها بعيدا قبل أن تقول بنبرة واثقة: "ستتحقق أمنيتي يوما ما". انشغالها بعالم الموضة لا يبعدها عن واقع حياتها في هولندا حيث يشتد الحديث عن المهاجرين والمسلمين بصفة خاصة. إلا أنها تنظر للخطاب المتشدد لبعض السياسيين الهولنديين، وخاصة خطاب السياسي المثير للجدل خيرت فيلدرز، على أنه حافز إضافي لبذل المزيد من العطاء وتحقيق النجاح. "بطبيعة الحال أنا على اطلاع بما يجري حولي. وجود شخص مثل فيلدرز له جانب إيجابي وله كذلك سلبياته. أنا بطبعي أنظر إلى الأشياء من زاوية إيجابية. فشخص مثل فيلدزر يجعلني دائما متيقظة، أنظر إلى نفسي بعين ناقدة ومن ثم التركيز على إبراز ما هو إيجابي في ذاتي وفي عملي. ومن هذا المنطلق فأنا لا أهتم بشخص فيلدرز في حد ذاته، ولكنني ألتفت لنفسي ولما يمكن لي تقديمه لمجتمعي ولهذا العالم". ما يميز إبداعات كماليا عن غيرها هو أن تصميماتها "متميزة، متجددة ومختلفة عن ما هو معتاد. الناس في بحث دائب عما هو جديد". رهان كماليا في المزج بين الشرق والغرب بدأ يقطف ثمار النجاح، إذ حصلت على جوائز تقديرية وأخذت الدوريات المتخصصة تهتم بأعمالها. الشيء الوحيد الذي كان "يؤاخذها" عليه البعض هو اقتصار إبداعاتها على التصاميم النسائية فقط. "قريبا سأشرع في التصاميم الرجالية"، تؤكد كماليا، "حتى أرضي الجميع". *بالاتفاق مع إذاعة هولندا العالمية