تحت عنوان عريض " محاكمة القرن" ، نشرت الصحيفة الهولندية دو تيليخراف في عددها ليوم السبت الماضي، خبر بدء محاكمة زعيم حزب الحرية اليميني خيرت فيلدز بسبب تصريحاته حول الإسلام ، بتاريخ 20 يناير من السنة القادمة . وتتابع النيابة العامة الهولندية الزعيم اليميني خيرت فيلدرز ، الذي أصبح اسمه مقرونا بمواقفه العدائية اتجاه الإسلام والمسلمين ، بتهمة التمييز و نشر الكراهية، بعد أن قبلت محكمة أمستردام الدعوى الموجهة ضد خيرت فيلدرز في بداية السنة الجارية ، وهو الأمر الذي ألغى قرارا سابقا للنيابة العامة يقضي بعدم متابعة المتهم . "" ومن جهته، صرح الزعيم اليميني المتطرف خيرت فيلدرز، المعروف بشغفه بالصدامات، لصحيفة دو تيليخراف على أنه سيجعل من هذه المحاكمة " محاكمة القرن في هولندا " ، كما قال بهذا الصدد أن "الإسلام هو الأجدر بأن يحاكم وليس خيرت فيلدرز "، وأضاف بالقول على أنه سيطلب استدعاء من أسماهم "بالأئمة المتطرفين وعدد من المغفلين الآخرين " للاستماع إلى شهاداتهم خلال المحاكمة. وعبرفيلدرز أيضا عن أسفه لهذه المحاكمة ، التي يعتبرها محاكمة سياسية ، حيث اعتبر أنه من المحزن أن يضطر إلى الدفاع عن نفسه في المحكمة بسبب تصريحات و آراء سياسية . وصرح خيرت فيلدرز بالقول على أنه يتمنى انتصار حرية التعبير و أنه لا ينتظر من المحكمة غير الحكم بالبراءة. ويقف إلى جانب خيرت فيلدرز في هذه القضية أحد أشهر المحامين في هولندا، و هو " برام موسكوفيتش" الذي اكتسب شهرة كبيرة بسبب دوره كمحام في عدد من القضايا التي شغلت وسائل الإعلام الهولندية، حيث سبق أن كان محاميا لعدد من رجال المافيا والجريمة المنظمة في هولندا . وأكد المحامي " برام موسكوفيتش" خبر بدء المحاكمة ضد موكله خيرت فيلدرز ، كما صرح بأن هذه المحاكمة ستعتمد على عدد من الأخصائيين الدوليين الوازنين في مجال حرية التعبير. وتأتي محاكمة زعيم حزب الحرية في ظرف زمني غير مناسب ، إذ من المنتظر أن يعرف شهر يناير القادم بداية الحملات الانتخابية الخاصة بالانتخابات البلدية المزمع إجرائها في هولندا خلال شهر مارس 2010. حيث سيشارك حزب الحرية في هذه الانتخابات في بلديتين فقط و هما لاهاي و ألميره . وقد صرح خيرت فيلدرز بهذا الشأن على أن هذه المحاكمة تتطلب الكثير من الوقت والجهد ، كان الأجدر استثمارهما في المناقشات السياسية الخاصة بالحملة الانتخابية. خيرت فيلدرز يشبه الرئيس أوباما بشامبرلاين انتقد خيرت فيلدرز بشدة ، خلال حوار صحفي مع موقع الأخبار الآنية NU.NL سياسة الرئيس الأمريكي الجديد باراك أوباما اتجاه العالم الإسلامي. وقال الزعيم اليميني الهولندي على أن أوباما فيه شيء من رئيس وزراء بريطانيا خلال عقد الثلاثينيات نيفيل شامبرلاين ، لأنه إنسان لا يعرف جيدا من هم أعدائه. في إشارة إلى قيام نيفيل شامبرلاين بالتوقيع على معاهدة دعم السلام العالمي مع كل من هيتلر و موسيليني سنة 1938. واعتبر خيرت فيلدرز أن هناك وجه كبير للشبه بين الحدثين، واصفا سياسة أوباما اتجاه المسلمين بالخطيرة و الساذجة وغير المسئولة. كما صرح بأن أوباما ، شأنه شأن رئيس الوزراء الهولندي بلكاننده يغض الطرف عن المشاكل الكبيرة التي يحملها المشروع الإسلامي . ورغم أن خيرت فيلدرز كان يفضل دائما تقوية علاقات بلاده مع الولاياتالمتحدةالأمريكية أكثر من علاقاتها بأوربا، غير أنه يرى أن هولندا لا يجب أن تستجيب دائما للتوجهات السياسية الأمريكية ، خاصة عندما يتعلق الأمر بقضايا مثل أفغانستان ودعم دخول تركيا إلى الاتحاد الأوروبي، وتحت قيادة "مشكوك بها" حسب تصريح فيلدرز . لكن ، في المقابل، يؤكد زعيم حزب الحرية على أن العلاقات مع أمريكا وإسرائيل يعتبران جزءا من الهوية الثقافية الهولندية. أصول خيرت فيلدرز الهندية اليهودية وتكوينه الفكري كتبت أستاذة علم الأنتروبولوجيا ليزي فان ليون مقالا في مجلة دو خرون أمستردامر حول الأصول العرقية للزعيم اليميني خيرت فيلدرز ، حيث قالت أن جدته من أمه أتت من عائلة يهودية هندية تدعى ماير. حيث كان جد فيلدرز يعمل موظفا ، وليس جنديا بالهند الهولندية اسم كان يطلق على المستعمرات الهولندية في جنوب شرق آسيا كما يدعي خيرت فيلدرز. وحسب مقال ليزي فان ليون فإن جد فيلدرز اضطرإلى البقاء في هولندا بسبب ضيق مالي أصابه بعد أن تم طرده من العمل حين كان يقضي عطلة بهولندا ، حيث لم يستطع الرجوع إلى الهند. وترى الباحثة الهولندية ليزي فان ليون أن الكثير من المواقف السياسية لخيرت فيلدرز تعود جذورها لتاريخ عائلته. فمواقفه العدائية اتجاه الإسلام و نزعته الوطنية المتطرفة توجد عند الكثير من السياسيين ذوي الأصول الهندية ، الذين تأثروا بأفكار الحزب الوطني الاشتراكي الذي اكتسب شعبية كبيرة في الهند الهولندية خلال عقد الثلاثينيات من القرن الماضي. وفي نفس السياق ، ذكرت الباحثة ليزي فان ليون أن خيرت فيلدرز قام بعملية تبييض شعره لإخفاء جذوره الهندية، وكي يظهر على المسرح السياسي الهولندي بمظهر الهولندي الأصيل. وسبق للصحفي الهولندي ماركو دو فريس، الذي يشتغل على إعداد بحث خاص بالسياسي خيرت فيلدرز ، التصريح بأن إقامة هذا الأخير بإسرائيل لمدة سنتين، عندما كان في مقتبل شبابه، أثرت بشكل كبير على توجهاته و أفكاره.