حفل كتاب جماعي صدر حديثا عن مركز تكامل للدراسات والأبحاث بالعديد من الأبحاث والدراسات التي أنجزها باحثون وأكاديميون مغاربة بشأن الانتخابات الجهوية الأخيرة ليوم 4 شتنبر الماضي، وجاء الكتاب موسوما بعنوان "قراءات موضوعاتية لانتخابات 4 شتنبر، النتائج، التحديات والتوقعات". ومن الدراسات المتميزة التي ضمها الكتاب الجديد دراسة تناولت "الألفاظ الدينية في مهرجانات بنكيران الانتخابية"، تطرق من خلالها الباحث في الشريعة والقانون، مصطفى بوكرن، إلى دراسة وصفية في المعنى الدلالي لاستخدام الأمين العام لحزب العدالة والتنمية رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، للمعجم الديني في مهرجاناته الخطابية. وتناول بوكرن في بحثه ما سماه "الظاهرة التواصلية" لبنكيران في المشهد السياسي المغربي"، خاصة "لغة بنكيران"، فمنذ وصوله إلى رئاسة الحكومة، وهو يعرض بكثافة لبضاعته "اللغوية" في سوق الرواج السياسي، فاستطاعت مفردات هذه اللغة أن تنتشر وتتداول في الفضاء العام". وفي شرحه لأسباب دراسة المعنى الدلالي للألفاظ الدينية عند بنكيران، أورد الباحث أن التركيز على خطاب زعيم حزب "المصباح" دون غيره يجد أهميته في أنه يعلن انتماءه إلى المرجعية الإسلامية، وفي المقابل ينفي نفيا قاطعا استغلاله الخطاب الديني في التأثير على الناخبين. وهذا الانتماء، يضيف المصدر، لا يمنعه أن يأخذ من القاموس الديني، ما يجده مقنعا للجمهور الذي يخاطبه، حسب مقامات الحملة الانتخابية، التي من أهم مميزاتها تقديم عرض سياسي انتخابي مليء بالوعود، يستميل أصوات الناخبين، في مقابل التقليل من قوة المنافسين، أو التخويف من الخصوم. وسجل البحث أن بنكيران، باعتباره زعيم حزب سياسي ينافس أحزابا أخرى في الوصول إلى السلطة الحكومية، أدخل تعبيرات جديدة إلى المعجم الديني، محاولا أن يجيب عن أسئلة تتعلق بمعاني هذه الألفاظ في مقام الصراع السياسي والانتخابي، وهل دلالتها دينية أم سياسية". وحول قدرة بنكيران الخطابية في مهرجاناته الانتخابية، أفاد بوكرن أن شخصية الرجل التواصلية تتميز بتكسير كل برتوكولات التواصل الحزبي الكلاسيكي، فهو يُقدم خطبة تحتوي فكرة أساسية مُحاطة بالنكتة والضحكة والسخرية والأمثال وذكر لفظ الله، ومهاجمة الخصم، والبوح بالأسرار الشخصية.. ويضيف: "يحكي بنكيران عن بنته أو زوجته، فيظن البعض أنه خرج عن الموضوع، ولكنه في الحقيقة هو في صلب الموضوع، فقط يريد أن لا يملَّ المتابع لخطبه، فينثر بعض البهارات على طابقه، ولذلك فهو له قدرة كبيرة، على التحكم في جمهوره، كما لو أنه مُنشط يتماهى مع جمهوره". وذهب الباحث إلى أنه بعد الغوص في الدعايات الانتخابية لبنكيران، تبين أن اللفظ الديني الأكثر ورودا هو لفظ "الله"، بينما غيره من الألفاظ جاءت قليلة أو منعدمة، مثل لفظ "الشريعة" لم يذكره مطلقا، وذكر لفظ الإسلام مقترنا بالمرجعية، وكذلك لفظ الجهاد مرة واحدة.. وبعد أن أسهب بوكرن في بحثه في نقل الألفاظ الدينية لبنكيران، وجد أن رئيس الحكومة الأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" نسب أكثر من مرة حفظ المغرب من الأخطار على الله، ونسب شعبية حزبه على الله، ونسب تغير الوضع السياسي الإيجابي إلى الله، كما نسب التوفيق الحكومي إلى الله. ونسب بنكيران، وفق ذات المصدر، توفيق الملك محمد السادس على الله، وتوفيقه هو كرئيس للحكومة إلى الله، ونصر حزبه إلى الله، وأرجع الجزاء إلى الله، والتسامح إلى الله، ونسب يوم الانتخابات إلى الله، كما نسب الإفراج عن جامع المعتصم إلى الله، وانخفاض أسعار البترول إلى الله.. وسجل بوكرون في ختام بحثه أن الألفاظ الدينية الواردة في خطابات بنكيران الانتخابية، قيلت في المقامات الآتية: "مقام الطمأنة الذاتية" و"مقام التثبيت الذاتي" و"مقام إشاعة الأمل" من أجل مواجهة الخصوم والتحديات"، مبرزا أن "هذه الألفاظ لا تعبر عن برنامج ديني سياسي".