بعد مضي خمس سنوات على خروج المغاربة إلى الشارع للمطالبة بمجموعة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ومنها محاربة الفساد والقضاء على البطالة وتوسيع هامش حرية الرأي والتعبير، خرج رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، ليقول إن اختياره رئيسا للحكومة "أفرغ الشارع". واستغل بنكيران فرصة وجوده بالمعهد العالي للإعلام والاتصال ليعدد للحاضرين "إنجازات الحكومة"، مؤكدا أنه وجد خزينة الدولة "فارغة"، وهو ما استدعى "إصلاحات تهم صندوق المقاصة، دون إغفال تسديد الأموال التي كانت تدين بها الدولة للمقاولين"؛ وهي المشاكل التي تفاداها من كانوا قبله في المسؤولية، على حد زعمه. وشدد رئيس الحكومة، الذي جمعه لقاء مفتوح ب"صحافيي المستقبل"، على أن "الإصلاح يتطلب كثيرا من الجهد، نظرا لصلاحيات رئاسة الحكومة المحدودة"، مشيرا إلى أن "حكومته لم تفعل الشيء الكثير في عدد من المجالات، لكنها كانت تسعى إلى أن تدفع بأخرى نحو الجانب الإيجابي"؛ وهو ما يدفع إلى التساؤل: "إلى إلى حد وفقت الحكومة في تحقيق المطالب التي نادى بها الشعب المغربي سنة 2011؟"، أو بتعبير آخر: "ما مدى مواءمة إنجازات الحكومة للشعارات التي رفعتها في الانتخابات التشريعية الاستثنائية التي فاز إثرها حزب العدالة والتنمية بالأغلبية؟". حامي الدين: "الحكومة واجهت مجموعة من التحديات" عبد العلي حامي الدين، عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، أكد في اتصال هاتفي لهسبريس أن الحكومة "نجحت في ترجمة مجموعة من المطالب الاجتماعية والاقتصادية على أرض الواقع، كما أنها أخرجت البلاد من عنق الزجاجة، ومن الوضعية الاقتصادية الصعبة التي كانت عليها، علاوة على مساهمتها في تحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي"، مؤكدا أنه "لازالت هناك مجموعة من المطالب التي رفعها الحراك الشبابي سنة 2011 قائمة، نظرا لكونها ليست مسؤولية ولاية حكومية واحدة". وشدد المتحدث ذاته على أن الحكومة "تعرضت لمحاولة التفجير من الداخل، وهو ما جعلها تفقد سنة من عمرها في محاولة لتدبير الأزمة التي انتهت بخروج حزب الاستقلال من الائتلاف الحكومي، وقضت أربعة أشهر كحكومة أقلية"؛ علاوة على ما سماها "اللوبيات التي سخرت مجموعة من الإمكانيات للحيلولة دون قيام الحكومة بواجباتها"، مردفا بأنها "تعرضت للقصف والتشويش من طرف الكثير من وسائل الإعلام، التي لم تتعامل بمهنية وموضوعية وإنصاف مع إنجازاتها". وأكد حامي الدين أن المراتب التي تبوأتها الأحزاب المكونة للائتلاف الحكومي في الانتخابات الجماعية والجهوية "ترجمت مدى نجاح هذه الحكومة في كسب ثقة المغاربة، وأظهرت ذكاء ووعي الشعب المغربي بالتحديات التي تواجهها". بنعيسى: "فشل ذريع" من جهته أكد جواد بنعيسي، القيادي السابق في حزب الاتحاد الاشتراكي، أن حزب العدالة والتنمية "استفاد من حراك 20 فبراير من الجانب الأخلاقي، خاصة في ما يتعلق بمحاربة الفساد، لكنه فشل فشلا ذريعا؛ نظرا لكونه لم يقم بالتغيير بطريقة مسؤولة"، مضيفا: "توجهوا نحو نشر لوائح المأذونيات ولكنهم لم يستطيعوا الذهاب أبعد من ذلك"، مشددا على أن الحكومة "تخلت عن جميع الفضاءات التي رفعت فيها شعار محاربة الفساد وتركتها خارج القانون". وانتقد الفاعل السياسي ذاته، في تصريح لهسبريس، ما وصفه ب"سياسية التشهير التي نهجتها الحكومة في التعامل مع قضايا الفساد"، مشيرا إلى "فشلها في كشف الفساد في بعض المجالات، كمقالع الرمال"، ومعتبرا أنها "تفتقر إلى الجرأة والشجاعة السياسيتين من أجل الخوض في هذا الموضوع". وشدد المتحدث ذاته على أنه "لا شعار تحقق من الشعارات التي كان يرفعها حزب العدالة والتنمية"، مشيرا في هذا السياق إلى مسألة الحد الأدنى للأجور، وقضية الأرامل، ومنتقدا "الطريقة الارتجالية في التسيير، والتي لا تعطي إحساسا بالثقة"، حسب تعبيره، وهو ما أكد أنه "لا يشجع المستثمرين على الاستثمار بالمغرب، وأدى إلى فقدان أزيد من 1400 منصب شغل". وانتقد بنعيسي السياسية التي ينهجها بنكيران في تعامله مع المؤسسات المالية الدولية، معتبرا أن "رئيس الحكومة يقيس المنجزات بمدى الانضباط إلى المؤسسات المالية الدولية"، قائلا إن "الحكومة تتعامل كموظف منفذ للأوامر وليس كجهاز سياسي له سيادة"، ومشيرا في هذا الصدد إلى "أن الحكومة مست بالقدرة الشرائية للمواطنين عبر ما أسمته إصلاح المقاصة، بشكل يستجيب لإكراهات المؤسسات المالية وليس للمواطنين". وقال المتحدث ذاته في هذا السياق إن الحكومة "فاقدة للشخصية، فهي لا تقاوم المؤسسات المالية ولا تتفاوض معها"، مؤكدا أن "الرهان الأساسي هو المستوى المعيشي للمواطنين والسلامة الاجتماعية"، وداعيا إلى البحث عن الحلول في الخارج عبر تشجيع الاستثمار، و"ليس في جيب المواطن" على حد تعبيره. * صحافي متدرب