قدم حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، برنامجا انتخابيا أغوى الناخبين ودفعهم للتصويت على رمز المصباح الذي بدا آنذاك بالمنقذ من البطالة والفقر والتهميش والإقصاء، ورافعة الاقتصاد الوطني ومحقق الرفاه ورغد العيش، لكن فور جلوس المحظوظين بحزب العدالة والتنمية فوق الكراسي حتى تبخرت جميع الوعود والبرنامج الانتخابي وما ادعوا أنهم سيحققونه للشعب المغربي من رغد العيش. في هذا السياق استقت "النهار المغربية" آراء برلمانيين وقيادات حزبية وخبراء اقتصاد، حول ما حققته حكومة بنكيران خلال ولاية لثلاث سنوات، حيث قال محمد بنقدور، رئيس الجامعة الوطنية لجمعيات حماية المستهلكين بالمغرب، إن حكومة عبد الإله بنكيران تضيع على الدولة الملايير يوميا بعدما رفعت شعار أن تأخير إصلاح أنظمة التقاعد يضيع على الدولة الملايير، وأضاف أنها مسؤولة اليوم عنه وتتحمل المسؤولية السياسية عن هذا التأخير. وحمل بنقدور الحكومة مسؤولية ضرب القدرة الشرائية للمواطنين حيث إنها لا تواكب ولا تراقب أسعار المواد الاستهلاكية موضحا ذلك بمادة المحروقات التي قال عنها إنها بعدما ارتفعت أثمنتها ارتفعت أثمنة النقل العمومي التي أداها المواطن البسيط من جيبه وأنه عندما انخفضت أثمنة المحروقات لم تنخفض تكاليف النقل العمومي وزادت أثمنة العديد من المواد الغذائية ارتفاعا. وفسر بنقدور ضرب القدرة الشرائية في مؤشرين آخرين هما ارتفاع المديونية وعجز الناس عن تسديد ديونهم مما ترتب عنه حدوث مشاكل بين الأبناك والزبناء الذين لم يقدروا على الالتزام بأداء ديونهم الاستهلاكية وقروض السكن، وكشف عن وجود تلاعب بنظام المقايسة الذي يترك المواطن عرضة للسوق الدولية. وشدد بنقدور في تعليقه على الحصيلة الحكومية على مدى الثلاث سنوات التي مرت من حكمها على أنها تعثرت على مستوى استصدار القوانين التنظيمية المتعلقة بتنفيذ بنود الدستور، وعلى مستوى محاربة الفساد قال إنه لم يحدث أي شيء ولا تغيير وتأسف على أنه ليس هناك تقدم. وعن الإصلاحات المتعلقة بصندوق المقاصة اعتبرها بنقدور أنها ليست بإصلاحات للصندوق الذي يستهدف المواطنين من الطبقة الفقيرة والمتوسطة وأنه عوض معالجة حكامة الصندوق لكي تذهب للطبقات الفقيرة أغلقت الأبواب على الكل. وشبه بنقدور الحكومة الحالية التي يقودها عبد الإله بنكيران بالأب البخيل الذي يجمع الأموال ويكنزها ويدسها عوض تحقيق الرفاه في سبل العيش، وقال إن الحكومة الآن تفتخر بأنها حققت استرجاع 13 مليارا عن طريق إلغاء صندوق المقاصة. وفي الجانب الصحي اعتبر بنقدور أن "راميد" مجرد حسابات سياسوية وأن الطبقة المستهدفة منه لا تستفيد شيئا في الوقت الذي مازال المرضى من الفقراء يقتنون أدويتهم من الصيدليات ويؤدون وصفاتهم الطبية من جيوبهم وأن الفقير لا يملك من نظام "راميد" إلا البطاقة فقط. وانتقد عادل الدويري، وزير السياحة السابق والخبير الاقتصادي ورئيس رابطة الاقتصاديين الاستقلاليين، في يوم دراسي بمجلس المستشارين نظمه حزب الاستقلال لمناقشة مشروع قانونية المالية لسنة 2015، الأداء الاقتصادي لحكومة عبد الإله بنكيران، متهما إياها بالتسبب في ضرب القدرة الشرائية للمواطنين، من خلال تطبيق مجموعة من الزيادات "غير المعقولة"، كما ضربت تنافسية النسيج الاقتصادي والخدماتي والصناعي المغربي، وهو ما بدأ يؤثر سلبا على الأداء الاقتصادي العام للمغرب. وسجل الدويري، "ضرب" حكومة بنكيران للقدرة الشرائية للمواطنين من خلال تعطيل محرك الاستهلاك عبر "حذف صندوق المقاصة" مع رفع الزيادة في الضريبة على القيمة المضافة، وغيرها من الضرائب على الاستهلاك وتعطيل محرك الإسكان عبر تعقيد مسطرة القروض للحصول على السكن، مما ساهم في انكماش القروض وتراجع مداخيل الضريبة على القيمة المضافة الداخلية بنسبة 9 في المائة. وفي ذات السياق اعتبر رؤية الحكومة الاقتصادية غير واضحة، وأن بنكيران أرجع الاقتصاد المغربي إلى نفس مستوى نهاية التسعينيات قبيل اضطلاع حكومة التناوب بتسيير الشأن الحكومي. ويذكر أن أغلب النقابات العمالية الوازنة والأكثر تمثيلية في المغرب لا تنظر بعين الرضا إلى الإجراءات الحكومية فيما يتعلق بإصلاح أنظمة التقاعد، وصندوق المقاصة، في هذا الإطار قال عبد الحميد الفاتحي القيادي في حزب الاستقلال، "نحن لا نختلف أن المقاصة والتقاعد يحتاجان إلى إصلاح"، مضيفا أن "بنكيران لم يستثمر السياق الذي جاءت فيه حكومته، لكي يقوي السلطة التنفيذية، ويبني مقومات ميزان قوى جديدة في الدولة، ويعطي اعتبارا للمؤسسات المنتخبة والمؤسسات السياسية الوطنية، بما فيها الأحزاب. وأكد بنحمزة أن بنكيران وحزبه قد أثبتوا أنهم يحملون فكرا دستوريا ضحلا، ساهم في تراجع صورة رئيس الحكومة لدى الشعب، وأنه مطلوب منه ممارسة اختصاصاته وفق التأويل الديمقراطي للوثيقة الدستورية، وهو ما لم يحصل، إذ ساهم في ترسيخ ممارسات غير ديمقراطية، ما يعني العودة إلى اختلال ميزان القوى من جديد. لكبير بن لكريم