أبدت العديد من الصحف والمنابر الإعلامية الجزائرية حيال وفاة زعيم جبهة البوليساريو محمد عبد العزيز، أول أمس الثلاثاء، بسبب مرض عضال لم ينفع معه علاج، الكثير من الأسى والحزن، ووجدتها فرصة لتعداد ما اعتبرته مناقب وخصال الرجل، بل إنها رفعته إلى مقام "كاسترو" و"مانديلا". واستعرضت جرائد جزائرية، في أعدادها لليوم الموالي للوفاة، مسار محمد عبد العزيز طيلة أربعة عقود متواصلة على رأس جبهة البوليساريو، مذكرة بحالة الحزن التي عمت الجزائر، ما يفسر قرار الرئيس المريض عبد العزيز بوتفليقة إعلان الحداد لمدة 8 أيام في كافة مناطق البلاد. وتوقفت صحيفة "الشروق"، المقربة من النظام العسكري الحاكم بالجزائر، عند برقية بوتفليقة التي بعثها إلى رئيس ما يسمى المجلس الوطني الصحراوي خطري أدوه، معربا عن ألمه "لرحيل عبد العزيز قبل أن يرى بلاده مستقلة"، وفق تعبيره، قبل أن يصفه ب"المجاهد البطل". وخاضت الجريدة ذاتها في مسار "كبير الجبهة"، الذي نعتته ب"الزعيم الروحي للصحراء الغربية"، وقالت إنه "عرف كل رجالات الجزائر منذ الاستقلال، من دون استثناء، وتجاذب أطراف الحديث مع سبعة رؤساء قادوا الجزائر، بمن فيهم الراحل أحمد بن بلة، رغم أنه لم يعش أيام حكمه". وتبعا للمصدر ذاته، فإن الانفصالي الراحل استلهم تجارب نيلسون مانديلا، رمز الكفاح ضد العنصرية في جنوب إفريقيا، وأيضا ثورة فيديل كاسترو في كوبا، مضيفة أن عبد العزيز "تمكّن من أن يقود ثورة حقيقية محترمة نال بها الكثير من الإعجاب في مختلف أصقاع العالم". واستفاض المنبر الجزائري في هذه الحيثية، وزعم أن مانديلا قال لزعيم البوليساريو ذات مرة إنه يرى نفسه عندما يلتقي ب"رجال من طينة محمد عبد العزيز"، وتابعت الصحيفة بأن الزعيم الكوبي كاسترو "أدى أمام زعيم الجبهة تحية من النادر أن يقوم بها أمام أي رجل نضال". وواصل المصدر بأن عبد العزيز زار نصف المعمورة، وتمكَّن من أن ينتزع لموطنه مكانا ضمن أعضاء منظمة الوحدة الإفريقية، وأن تعترف بما سمته "الجمهورية الصحراوية" الكثيرُ من البلدان في كل القارات من دون استثناء، حيث أصبح لها ممثليات دبلوماسية في عواصم عالمية. واتهمت الجريدة المخابرات المغربية بكونها حاولت بكل الطرق شراء الراحل عبد العزيز، والذي نعتته ب"الرجل الذي يتميز بتحد لا مثيل له"، مردفة بأن "مخابرات المملكة حاولت حتى القضاء عليه، ولكنها فشلت، ومع مرور الوقت صار معادلة صعبة، ومشكلة معقدة وشوكة في حلق المغرب"، على حد زعمها. أما جريدة "الخبر" فقالت من جانبها إن عبد العزيز كان "قوي الشخصية، إذ استطاع في أوقات الحرب كما السلم الحفاظ على وحدة جبهة البوليساريو، رغم تعالي أصوات كثيرة تنادي بضرورة العودة إلى السلاح، بعد تماطل المغرب في الالتزام باتفاق تقرير مصير الشعب الصحراوي". وأوضحت الصحيفة أن من بين الشخصيات التي دعت إلى العودة إلى الحرب من يسمى وزير الدفاع السابق محمد الأمين البوهالي، لكن محمد عبد العزيز بقي متمسكا بالخيار السلمي، ومن أجل ذلك عين عبد الله الحبيب البلال، قائد الناحية العسكرية السابعة في أغوينيت، خلفا للبوهالي. وأشارت صحيفة "البلاد" إلى أن إبراهيم غالي، الذي يشغل حاليا مسؤول أمانة التنظيم السياسي، المرشح الأبرز لخلافة عبد العزيز، خصوصا أنه تولى العديد من الملفات البارزة في قيادة هذه الحركة، وكان أول أمين عام لها، كما شغل منصب "سفير" في الجزائر مدة طويلة.