يعود الوثائقي الأخير لقناة "فرانس3" حول المغرب بالأذهان إلى قضية الابتزاز التي تعرض لها الملك من طرف الصحافييْن الفرنسييْن إيريك لوران وكترين غارسييه، وهو الوثائقي الذي وصفته النقابة الوطنية للصحافة المغربية ب"المستوى المتدني"، داعية الهيئات المهنية الفرنسية إلى التعبير عن موقفها إزاء هذه القضية وتطوراتها. وحاول مؤلفا كتاب "الملك المفترس" استدراج المملكة نحو صفقة بثلاثة ملايير سنتيم مقابل عدم نشر كتاب يسيء للمغرب، قبل أن تلقي عليهما السلطات الفرنسية القبض في حالة تلبس وبحوزتهما مبلغا ماليا وعقدا يتنازلان بموجبه عن نشر الكتاب، في الوقت الذي كان فيه "التوتر" سائدا في العلاقات بين المغرب وفرنسا، وهو ما استدعى زيارة الملك إلى "قصر الإليزيه" من أجل "تليين العلاقات". وسبق ذلك "تحقيق لوموند حول ثروة الملك"، الذي نشر في فبراير من السنة المنصرمة تحت عنوان "Swissleaks"، تتهم فيه الصحيفة الفرنسية الملك محمد السادس ومستشاره الخاص منير الماجيدي "بالتهرب الضريبي عبر حساب سري ببنك HSBC السويسري" وهو ما فنده الملك قائلا إن الأموال تم "تحويلها بكامل الشفافية، وبعلم من السلطات النقدية في المغرب، والموافقة القبلية الرسمية لمكتب الصرف، كما يفرض ذلك القانون المعمول به في المملكة". أستاذ العلاقات الدولية تاج الدين الحسيني يفسر اهتمام الصحافة الفرنسية بالمغرب بحكم "العلاقات الثقافية المتميزة بين البلدين، نظرا للعدد الكبير للمغاربة المتواجدين في فرنسا، من جالية مقيمة هناك وطلبة"، مشيرا إلى أنه "لا يمكن القول إن هذه المنابر تحركها دوافع سياسية نظرا لقوة العلاقات التي تجمع الطرفين، خاصة في المجال الاقتصادي". إلا أن هناك، بحسب الحسيني، "جيوبا تدعمها المعارضة الفرنسية التي تخالف السياسة التي ينهجها الرئيس فرانسوا هولاند تجاه المغرب، زد على ذلك جماعات الضغط التي تحركها جهات معادية للمملكة ولوحدتها الترابية"، مستطردا أن "الصحافة الفرنسية تقوم أساسا على النقد اللاذع، وهو ما يرفع من نسب الإقبال والمشاهدة". من جهته اعتبر أستاذ العلوم السياسية ميلود بلقاضي أن "هذه القضايا، لا شك في ذلك، أساءت إلى الإعلام الفرنسي وعرّت حقيقة نزاهته وموضوعيته"، لكن القول بأن "الإعلام الفرنسي كله مأجور ومحرك بأهداف سياسية فيه نوع من المجازفة، نظرا لوجود منابر إعلامية نزيهة وأخرى مأجورة"، كما يجب ألاّ ننسى أن "فرنسا نزيهة مع المغرب في ما يخص قضية الوحدة الترابية"، على حد قوله. وشدد المتحدث على أن ما وقع في مناسبات سابقة "يدخل في إطار الإعلام المأجور، وهو ما تبين مع الوثائقي الأخير لقناة فرانس3؛ حيث ظهر منطق رد الفعل والانتقام، نظرا لأن المغرب يسير في إطار احترام القانون"، وبالتالي، يستخلص بلقاضي، فإن هذه "الخرجات الإعلامية طبيعية جدا لأن هناك دائما من يريد أن يغرد خارج السرب". ودعا الأستاذ الجامعي إلى "التعامل مع وثائقي فرانس3 بشكل طبيعي، نظرا لأن المعلومات التي جاء بها متوفرة في الصحافة المغربية، خاصة في الجرائد المستقلة"، علاوة على كون الوثائقي "أظهر انحياز القناة الفرنسية وعدم موضوعيتها نظرا لأن الأشخاص الذين تحدثوا في الوثائقي لهم مواقف معينة من المغرب، لذلك فقد اختيروا بعناية لخدمة توجه محدد"، بالإضافة إلى أن المادة الإعلامية "لم تحترم قواعد الفيلم الوثائقي، علما أن قناة فرانس3 تعتبر ذات شعبية متدنية"، على حد قول بلقاضي. *صحافي متدرب