وزارة التربية الوطنية و"الطنز" السياسي...! في مجال حق الأطفال ذوي الإعاقة في التربية والتعليم لم يعد هناك شك في أن الأطفال ذوي الإعاقة ببلدنا ستظل مصائرهم معلقة بميزاجيات وزارة التربية الوطنية وهم في حالة تهميش و إقصاء مستمرين ، فبعد توالي صدمات سياسة " الطنز " التي تمارسها الوزارة والتي بدأ ت بمذكرة إطار رقم 099-15 المتعلقة بتفعيل التدابير ذات الأولوية في شان التنزيل الأولي للرؤية الإستراتيجية -2015 - 2030- والتي أتت فارغة من أي إشارة لتمدرس الأطفال ذوي الإعاقة في محاورها بعيدة كل البعد عما كان مأمولا في تنزيل الرؤية الإستراتيجية 2030 للمجلس الأعلى للتعليم والتي أوصت القطاع الوصي بوضع مخطط عمل لتمدرس الأطفال في وضعية إعاقة برؤية حقوقية متقدمة ونموذج جديد ، ها هي ذي سياسة الإهمال الصارخ التي تواجهنا جميعا في إرساء الحق في التربية الدامجة للأطفال ذوي الإعاقة ببلدنا مستمرة ومنتعشة، فبعد التراجع الكبير والصادم الذي شهده هذا الملف بخلو الهيكلة الجديدة للأكاديميات الجهوية من أي مصلحة مسئولة عن تتبع وتنسيق تمدرس التلاميذ ذوي الإعاقة الشيء الذي قد يبرره بعض المتملصين من إعمال حقوق هذه الفئة بان موضوع الإعاقة مدمج عرضانيا في مختلف الأقسام غير أن ذلك في الحقيقة إنما يؤدي إلى وضعية " الكل مسؤول... لا احد مسؤول " فغياب جهة تتولى التقييم وجمع المعطيات ومؤشرات تصريف سياسة السير نحو التربية الدامجة التي التزمت بها بلادنا بتوقيعها على الشرعة الدولية المتعلقة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ،سيتم تعويم القضية حتما ويجعل تتبعها ضبابيا مادام المسؤولية غير واضحة تماما .بعد كل هذا هاهي الوزارة تصدر دفتر مساطر امتحانات البكالوريا الذي وان تطرق إلى المرشحين في وضعية إعاقة فانه للأسف على ما يبدو صيغ بعيدا عن الواقع ولم يشارك في صياغته مختصون في المجال فقد جاء تطرقه لفئة المرشحين ذوي الإعاقة تائها ...ضبابيا قابل للتأويل في اتجاهات مختلفة غير واضح وغير شامل ، فزيادة على انه لم يشر كما يؤكد المختصون لمختلف الإعاقات كما في المذكرة الوزارية لسنة 2013 الخاصة بالإجراءات التنظيمية لتكييف الامتحانات الاشهادية ، فأن بعض ما جاء فيه يعتبر تراجعا عن مقتضيات نصوص سابقة كما انه في بعض الفقرات سقط فيما يبدو تناقضا في الرؤى فهو ير بط في إحدى الفقرات نوعية التكييف التي من حق المرشح بما تقرره لجنة إقليمية تم يأتي في جزء أخر و ينص على عدم الجمع بين التمديد الزمني واصطحاب مرافق بالنسبة لذوي إعاقة ذهنية ، كما أن تكليف اللجنة الطبية الإقليمية في حد ذاته لتحديد نوعية التكييف يعتبر خروجا بالموضوع عن مقاربته بيداغوجيا وإحالته لمقاربة طبية جافة ، خبرتها وعملها "عضوي طبي" وهذا موضوع يتطلب مقالا خاصا يفصل مدى الوقع السلبي لذلك على حق الأطفال في وضعية إعاقة ، كل ما سلف يؤكد إذن أن الوزارة ماضية في الإمعان في حالة الانفصام السياسي و الإداري هاته التي نعيشها ،في السنوات الأخيرة فالدولة تلتزم وتوقع المعاهدات الدولية في إطار انخراطها في المنظومة الحقوقية الدولية، التي تهم حقهم في التربية وفي صدارتها الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة التي تنص على أن الدول الأطراف تسلّم بحق الأشخاص ذوي الإعاقة في التعليم. ولإعمال هذا الحق دون تمييز وعلى أساس تكافؤ الفرص، تكفل الدول الأطراف نظاما تعليميا جامعا على جميع المستويات وتعلما مدى الحياة. فيما على ارض الواقع كل الإجراءات المعتمدة والسلوكيات تجاه الأطفال ذوي الإعاقة بعيدة كل البعد عن ذلك فالخطاب مع الدمج وإعمال الحقوق والممارسات مع العزل والإقصاء ، فإلى متى يا ترى .؟ إن وضع إعمال حق الأطفال ذوي الإعاقة ببلدنا اخذ في التدهور إلى حد جد مقلق ، وعلى السيد وزير التربية المحترم أن يوضح لنا ما إذا كان يعتزم الاستمرار في سياسة الطنز" والانفصام السياسي هذا بخصوص هذا الموضوع وما إذا كانت وزارته لا زالت تعتبر هؤلاء الأطفال مواطنين مغاربة كاملي المواطنة من حقهم عليها إعمال حقهم في التربية والتعليم بين اقرأنهم . ومتى ينظر إلى التربية الدامجة للأطفال في وضعية إعاقة كقضية من قضايا حقوق الإنسان باعتبار أن جميع الأطفال هم سواسية من حيث الأهمية وان استثناء إي طفل خارج النظام التربوي السائد بسبب الإعاقة أو الصعوبات التعليمية هو مس بحقوق الإنسان و تمييز ليس له مكان في المغرب الذي نسعى جميعا إلى بناءه وإرساء دعائمه مغرب جدير بمواطنيه ،يكفل تمتع الأطفال ذوي الإعاقة تمتعا كاملا بجميع حقوقهم على قدم المساواة مع غيرهم من الأطفال. كما انه قد أضحى واجبا وملحا أكثر من إي وقت مضى على الجهات المسؤولة وطنيا على صون حق هذه الفئة في التربية والتعليم بما فيها المجلس الوطني لحقوق الإنسان والمرصد الوطني لحقوق الأطفال والمجلس الأعلى للتعليم التدخل عاجلا لتسوية هذا الوضع التربوي المزري ، واتخاذ تدابير إجرائية عاجلة عملية وواضحة لجعل المنظومة التربوية الوطنية منظومة دامجة تستوعب كل أطفال الوطن باختلاف أوضاعهم وخصائصهم. إن قوة المغرب حاليا في المحافل الدولية كما يجمع المهتمون بأوضاعه تكمن في استمرار نفسه الإصلاحي من أجل ترسيخ بناء مجتمع ديمقراطي حداثي متعدد. وتعامله بشكل سلس ومتميز مع التحولات التي يعرفها المحيط الإقليمي والدولي المشحون بالاضطرابات والقلاقل، وهو محكوم بمواصلة الإصلاحات السياسية والاجتماعية ارتكازا على مقاربة تقدمية تلائم روح دستور2011، ومن أبرزها دعم الحريات و إعمال الحقوق، التي تندرج فيها قضية التربية الدامجة للأطفال في وضعية إعاقة و من الضروري على السيد وزير التربية الوطنية المسؤول المباشر عن إعمال حقوقهم في التعليم ، اتخاذ الإجراءات الضرورية لضمان تنزيل مقتضيات الدستور والنصوص التشريعية الدولية وحتى الدوريات الصادرة عن وزارته لفائدة تمدرسهم، والحرص على أن يشمل الالتزام بها واحترامها كافة مكونات منظومة التربية الوطنية ببلدنا. إن المدرسة الجامعة والحاضنة لكل أبناء الوطن خيار لا محيد عنه لبناء مجتمع أكثر عدلا ينتمي إليه الجميع . وإن دمج منظور الإعاقة في كافة السياسات الحكومية بما فيها السياسات التربوية هي الطريقة الأفضل والأقل تكلفة في التعامل مع الاحتياجات التعليمية الخاصة لكل الأطفال في المدارس العادية فالأطفال لهم الحق في التعليم معا دون تمييز فيما بينهم بغض النظر عن أية إعاقة أو صعوبة تعليمية يعانون منها. ونظن أننا لسنا في حاجة إلى تذكير المسئولين بأن والتأكيد على ضرورة إشراك منظمات الأشخاص ذوي الإعاقة في التفكير التخطيط التنفيذ والتقييم في كافة السياسات والبرامج ذات الصلة بقضاياهم لتجنب مثل هاته الخطوات التي تهمل وتقصي قضايا الأطفال ذوي الإعاقة والأخذ في الحسبان احتياجاتهم وحقوقهم المتأصلة. *محاضر وناشط حقوقي في مجال الإعاقة