في الكثير من المقاهي بالمغرب تنتشر عادة القراءة المجانية للصحف، إذ يضع صاحب المقهى جرائد ورقية رهن إشارة زبنائه قصد تصفحها، وهي طريقة تسويقية تروم جذب الزبناء إلى ارتشاف كؤوس الشاي والقهوة، وبالتالي إنعاش الرواج الاقتصادي للمقهى. عادة القراءة المجانية للصحف الورقية في المغرب لا تتفشى في المقاهي والمطاعم وحدها، بل حتى في فضاءات عمومية أخرى، من قبيل الحدائق والقطارات وغيرها، وهو ما يبدو أنه أزعج ناشري الصحف الذين يحاولون محاربة هذه الظاهرة التي يرون أنها تضر بمبيعات الجرائد. ويبدو أن انزعاج ناشري الصحف بالمغرب من انتشار ظاهرة القراءة المجانية للجرائد في الأماكن العمومية، وتأثيرها على مستوى قراءة ورواج هذه المنشورات الصحافية، أفضى إلى اتفاق مبدئي مع وزارة الاتصال، قبل أيام قليلة، ينص على إدخال مقتضى في مشروع قانون الصحافة والنشر يمنع القراءة المجانية للصحف في الأماكن العمومية. وكان وزير الاتصال، مصطفى الخلفي، اتفق مع المكتب التنفيذي للفيدرالية المغربية لناشري الصحف، على إدخال بند في مشروع قانون الصحافة والنشر يمنع القراءة المجانية للصحف، باعتبار أن قطاع الصحافة المكتوبة يضيع ما يقارب 150 مليار سنتيم سنويا بسبب القراءة المجانية. وفي استطلاع سريع لآراء أصحاب مقاهٍ دأبوا على توفير نسخ من الصحف الورقية لفائدة زبنائهم، أفادوا بأن منح تلك الجرائد للزبناء لقراءتها ليس القصد منه أن يضرب الكساد الصحف الورقية، بقدر ما هي استجابة لطلبات الكثير من الزبناء الذين يبحثون عن صحف يقرؤونها داخل المقاهي. وذكر بعض أرباب المقاهي لهسبريس أنه يصعب منع عادة القراءة المجانية للصحف داخل المقاهي، باعتبار أن القراءة حق مكفول للجميع، ولأن الزبون أحيانا يأتي بجريدته ويقرأها، ثم يتركها لمن يجلس بعده على الكرسي ذاته، وبالتالي لا يمكن منطقا وواقعا لصاحب المقهى أن يأمر الزبون بطي الصحيفة وعدم تصفحها. ويرى الدكتور محجوب بنسعيد، الخبير في قضايا الإعلام والاتصال، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن منع القراءة المجانية للصحف في الفضاءات العامة يعتبر "مقتضى مبهما"، لاعتبارات عديدة، منها تحديد المقصود من الأماكن العمومية التي ستمنع فيها قراءة الجرائد. وتابع بنسعيد بأنه "إذا كان المقصود بالدرجة الأولى المقاهي فإن ذلك يعتبر تدخلا في اختيار صاحب المقهى الذي يشتري الصحف ويضعها رهن إشارة الزبناء في إطار الخدمات الهادفة إلى استقطابهم"، مردفا أن "هذا المنع لن يحل المشاكل المرتبطة ببيع الصحف، ومحدودية توزيعها". وأورد رئيس قسم الإعلام في المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، "إسيسكو"، أن ضعف مداخيل مبيعات الصحف الورقية يرتبط أساسا بعوامل أخرى، في مقدمتها الانتشار الكاسح للإعلام الإلكتروني، واستفحال مشكل العزوف عن قراءة الكتب والمنشورات الورقية بشكل عام. واعتبر بنسعيد أن الجهات المعنية، من مؤسسات حكومية وقطاع خاص، مطالبة بأن تبتكر محفزات مالية ومعنوية في إطار مشروع تشجيع القراءة لدعم ناشري الصحف، والتراجع عن منع القراءة المجانية، "لأن ذلك ليس كافيا لتحفيز المغاربة على شراء الصحف، مادامت الإمكانات المالية لا تسعف كثيرا منهم ممن يقرؤون، وهم قلة في ضوء ارتفاع نسبة الأمية واضمحلال عادة القراءة"، حسب تعبيره.