أجمع المشاركون في ملتقى فرص الاستثمار بإفريقيا الشرقية، الذي احتضنته مدينة الدارالبيضاء بمشاركة رجال أعمال ومسؤولين مغاربة وكينيين وإثيوبيين، على أن المجموعات الاستثمارية المغربية بمقدورها الدخول في شراكات مربحة للطرفين في هذه المنطقة، خاصة في مجال الصناعات الغذائية والطاقات المتجددة. وقال متدخلون مغاربة وكينيون وإثيوبيون إن نسب نمو اقتصاديات دول هذه المنطقة، التي تعتبر الأعلى في القارة السمراء، تمنح فرصا استثمارية للمستثمرين الراغبين في الولوج إلى أسواق هذه الدول التي سجلت معدل نمو سنوي يفوق 8 في المائة، مؤكدين أنه يجب على المغاربة "الكف" عن التعامل مع إفريقيا كما لو أنهم ينتمون إلى دول أوربية، كالسويد والدنمارك، إن هم أرادوا استغلال الفرص المتاحة. ملاءمة العروض التصديرية هشام علوي بنسعيد، الخبير في الأسواق الإفريقية ب"أولير إلميس"، قال إن المجموعات الاستثمارية المغربية مطالبة بملاءمة عروضها التصديرية مع الحاجيات الحقيقية لأسواق هذه المنطقة من إفريقيا. وأوضح بنسعيد، الذي كان يتحدث في هذا اللقاء الذي نظمته "جمعية المصدرين المغاربة" ومصرف "البنك المغربي للتجارة الخارجية أوف أفريكا"، أمس الاثنين، إن "المغرب يمكنه تصدير السمك والفوسفاط والأسمدة، لكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة يتمثل في مدى استجابة هذه المنتجات لحاجيات هذه الدول". واستطرد هشام علوي بنسعيد: "دول إفريقيا الشرقية تستورد الأدوية، ويمكن أن نصدرها لهذه الدول، كما تستورد البترول وهو ما لا نتوفر عليه"، مضيفا: "هناك استثمارات كبرى في مجال صناعة الأسمدة في رواندا بقيمة 3 ملايير دولار، والمغرب يمكن أن يستغل هذه الفرصة للولوج إلى هذه المنطقة من خلال الخبرة التي راكمها في هذا المجال، والمرور من خلالها إلى أسواق باقي دول المنطقة التي تمكنت من الاندماج فيما بينها مما خدم نموها الاقتصادي؛ حيث تكاملت فيما بينها على كافة المستويات الاقتصادية". فرص استثمارية إبراهيم بنجلون التويمي، المدير العام التنفيذي لمجموعة "BMCE of AFRICA"، أكد أن هناك فرصا استثمارية كبيرة يتوجب على المهنيين المغاربة استغلالها من أجل فرض تواجدهم في دول إفريقيا الشرقية التي يرى أنها تشكل سوقا واعدة لرجال الأعمال المغاربة. وأشار المسؤول بالمجموعة المصرفية الإفريقية التي يملكها الملياردير المغربي عثمان بنجلون إلى أن مجموعة "BMCE of AFRICA" سبق لها فتح تمثيلية في إثيوبيا ستتحول إلى مصرف متكامل قريبا يشرف عليه فريق عمل محلي، وقال: "هذا القرار يتماشى مع إستراتيجيتنا كمجموعة مصرفية إفريقية، وليس مجموعة بنكية مغربية في إفريقيا" محمد بنعياد، الكاتب العام لوزارة التجارة الخارجية، أكد بدوره أنه لا يجب أن ينظر إلى إفريقيا كمصدر للهشاشة، بل يجب أن يتم التعامل معها كمصدر حقيقي للنمو، وأضاف المسؤول المغربي: "هناك إمكانيات كبيرة في الأشغال العمومية والطاقات المتجددة والزراعة، ويمكن أن نعمل على إقامة علاقات تعاون مربحة للطرفين". وأشار الكاتب العام لوزارة التجارة الخارجية إلى أن "الرهانات الإستراتيجية تجعلنا لسنا الوحيدين المهتمين بهذه المنطقة، فهناك الصين والهند ودول أخرى"، مضيفا: "هناك حضور مصرفي مغربي لا نستغله بما يكفي، كما يجب الابتكار في نوع الشراكة التي يمكن أن نقيمها في هذه الدول". وقالت ياسن دياما فال، المسؤولة عن البنك الإفريقي للتنمية بالمغرب: "لا يمكن اعتبار أن المجموعات الاستثمارية المغربية قد تأخرت في الولوج إلى واحدة من أكثر الأسواق الاقتصادية نموا في القارة الإفريقية"، معتبرة أنه يمكن اللجوء إلى حلول مبتكرة يتم تحديدها وفق معطيات وخصوصيات كل دولة من دول إفريقيا الشرقية. دعوة إلى الاستثمار دعت يشي تمرات، السفيرة الإثيوبية المعتمدة بالمملكة، المستثمرين المغاربة إلى إطلاق استثماراتهم في بلدها الذي قالت عنه إنه "أصبح ورشا عالميا يتوفر على يد عاملة مؤهلة وذات مردودية عالية". وأضافت السفيرة: "هذه المنطقة التي تضم كينيا وإثيوبيا ودول أخرى تعتبر من أسرع المناطق نموا في إفريقيا، وهي تشهد تصنيعا عاليا وتتوفر على إمكانيات كبيرة في مجال الفلاحة". وزادت تمرات: "نتوفر على الرؤية نفسها التي تتوفر عليها المملكة المغربية في المجال الاقتصادي، ونحن واثقون بأنه يمكن أن نطور قارتنا من خلال تعاوننا وتكاثف جهودنا (...) فإثيوبيا طورت مشاريع سككية وطرقية مكنت من ربط شبكاتنا بالدول المجاورة". ووجهت السفيرة الإثيوبية رسالة مباشرة إلى رجال الأعمال قائلة: "أطلب من المستثمرين المغاربة المجيء إلى إثيوبيا والاستثمار فيها، هناك فرص استثمارية كبرى يمكن لرجال الأعمال والمجموعات الاقتصادية المغربية استغلالها". بدوره أكد روجير أميسي، المسؤول بالمؤسسة المشرفة على الاستثمارات في كينيا (كينيا أنفيستمينت أوتوريتي)، أن الصينيين واليابانيين يتنافسون على سوق إفريقيا التي تحتضن مليار مستهلك، والباب مفتوح في كينيا أمام المستثمرين المغاربة. وقال أميسي، الذي كان يتحدث في اللقاء نفسه الخاص بفرص الاستثمار في إفريقيا الشرقية، إنه يمكن للمغاربة طلب "الفيزا" عبر الإنترنيت والحصول عليها وطبعها والولوج إلى كينيا بكل سهولة. وأضاف المسؤول نفسه: "في كينيا هناك مناطق مخصصة للمستثمرين لاحتضان أنشطتهم الصناعية والخدماتية، وهناك فرص استثمارية في السياحة والتكنولوجيات الحديثة والقطاع المنجمي والبترول والغاز الطبيعي".