قال الباحث أحمد عصيد إن "السلطة لا تحترم القوانين المعمول بها؛ حيث إنها ما زالت تخضع للمزاج الفردي، ويطغى عليها النازع الانتقامي للأفراد والمجموعات"، مضيفا في حديثه عن التعذيب أن "الأمر وإن كان غير ممنهج كما تزعم السلطة، فإنه من غير المقبول أن نتحدث عن حالات معزولة، ولا يقبل أن يهان أي شخص في دولة تقول إنها دولة الحق والقانون". وأكد الناشط الأمازيغي، مساء أمس في ندوة بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، أن المغرب "لا يزال يعرف محاكمات صورية تطغى عليها الرغبة في الانتقام"، حيث إن "مجموعة من الصحافيين عوقبوا لا لسبب غير أنهم معادون للسلطة"، من هنا يمكن تسجيل أن "الأساليب تغيرت، وأصبح هناك تلفيق لتهم أخرى"، مشيرا إلى أن "هذه الأساليب وإن تغيرت، فإنها تعود إلى سنوات الرصاص". واستدل المتحدث بقصة الصحافي هشام المنصوري، قائلا: "لفقت له تهم لا علاقة لها بالواقع، في الوقت الذي اضطهد فيه بسبب خوضه في مجال صحافة التحقيق"، متسائلا عن السبب الذي قد "يدفع الدولة إلى معاقبة شاب يسعى إلى تكوين الصحافيين في مجال صحافة التحقيق". وفي شرحه لأسباب ما أسماه "تغييرا في إطار الاستمرارية"، اعتبر عصيد أن جزء من الطبقة السياسية بالمغرب "يرى أن الشعب قاصر وغير مهيأ للديمقراطية"، نافيا أن يكون الشعب المغربي كذلك، لأنه ليس ذو طبيعة ثابتة، مشددا على أن "السياسة العمومية هي المتحكم الرئيس في هذه الطبيعة". واستطرد المتحدث، الذي تدخل في ندوة حول "سنوات الرصاص"، أن "من حق كل مواطن أن يعبّر عن رأيه تجاه سياسة الدولة، لأن هذه الأخيرة تخطئ، ومن حق المواطن نقد القوانين والممارسات السلطوية، وليس من شأن أي شخص أن يسكته"، مؤكدا أن "من يلعب دور تقويم الدولة وتصحيح أخطائها هم الفاعلون السياسيون ومكونات المجتمع المدني، وهو ما يسمى بالمعارضة"، معتبرا أن "محاولة قمع المعارضة يعود إلى سنوات الرصاص". وشدد عصيد على ضرورة أن يقطع المغرب مع "آليات سنوات الرصاص التي لا تزال حاضرة إلى يومنا هذا"، مؤكدا أن الحديث عن "مرحلة انتقالية يجب أن ينتهي، لأن كل مرحلة انتقالية تعرف بداية ونهاية، إلا المغرب فهو في انتقال أبدي"، وهو الانتقال الذي "يعيد إنتاج الماضي"، مطالبا بإلغاء "الخطوط الحمراء التي لا تزال تحيط بالحريات"، والقطع مع "الشعارات البراقة التي لا أساس لها على أرض الواقع". ودعا الناشط الدولة إلى "إشراك المواطن في السياسات العمومية، لأن ما يحدث الآن هو احتكار القضايا التي تهم الشعب"، وهي خطوة "لبناء الحاضر والقطع مع أساليب الماضي"، على حد تعبيره.