قال أحمد عصيد، الكاتب والناشط الحقوقي، إنَّ الحراك الاجتماعي الذي يعرفه الريف، وما سبقه من حركات اجتماعية في مناطق مختلفة من المغرب، تعبير عن غضب ويأس سائد في صفوف المواطنين، وعن أنّ "درجة الثقة بين الشعب والسلطة وصلت إلى الصفر". عصيد أردف، في مداخلة له ضمن لقاء نظمته المنظمة الديمقراطية للشغل حول موضوع "المساءلة الاجتماعية والحركات الاحتجاجية"، بأنّ تدبير الوضع في المغرب يتميز بصيرورتين، الأولى تتجلى في تمركز السلطة والثروة والقيَم لدى فاعل واحد (النظام)، مع محاولة إنهاك الفاعلين السياسيين الآخرين وتحجيم دورهم، وتضييق الخناق عليهم. أما الصيرورة الثانية، يشرح الناشط الحقوقي، فهي أنَّ السلطة تحاول استيعاب واقع ما بعد 2011، والأسباب التي تجعل الجماهير تنزل إلى الشارع للتعبير عن مطالبها، مُعتبرا أنَّ هذا الاستيعاب وقع فيه خلل كبير، بسبب رغبة السلطة في العودة إلى إحكام قبْضتها على المجتمع، على غرار ما كان سائدا خلال سنوات الرصاص. وسجّل عصيد "عودة السلطوية بشكل خطير منذ سنة 2013، باستعمال عدد من الذرائع لتبرير هذا النكوص السلطوي الخطير"، مشيرا إلى أنَّ "غيابَ مُخاطبٍ موثوق به بين الدولة والمجتمع أجّج المواجهة المباشرة بين الشارع والسلطة، إذ أضحى المُحتجّون يتوجّهون بخطابهم مباشرة إلى الملك، بسبب تعرّض الأحزاب وهيئات المجتمع المدني للإنهاك والإضعاف". واعتبر عصيد أنَّ هيْبة الدولة بدأت تنهار، "لأنَّ الماسكين بزمام السلطة يريدون الحفاظ عليها بالأساليب القديمة، وهو ما أدّى إلى سقوطها في فخ الارتباك"، وزاد: "ويظهر ذلك جيدا في طريقة تحريكها للفاعلين السياسيين، إذ صدرتْ تصريحات تتهم حراك الريف بالانفصال، وسرعان ما تمّ التراجع عنها وإيفاد وفد وزاري إلى الريف، وفي الآن ذاته بُعثتْ خُطبة جمعة نسفت كل شيء". من جهة أخرى قال عصيد إنَّ استعمال الدين في المجال السياسي يعدّ عنصرا معرقلا للانتقال الديمقراطي، ذلك أنَّ بسْط الحاكم سيطرته على الحقل الديني يجعله فوق المساءلة والمحاسبة، في حين أنَّ دولة القانون تقوم على أساس خضوع كلّ ذي سلطة ومسؤولية للمساءلة والمحاسبة. واعتبر عصيد أنَّ المزايدة في المجال الديني هي التي أدّت إلى تأجيج الوضع في الريف، "حيث قام أحد النشطاء باستغلال الدين، فردّت عليه السلطة بدورها باستغلال الدين"، وفق تعبيره.