قال الداعية عبد الوهاب رفيقي، المعروف بأبوحفص، إنه لا مجال لمقارنة ما يعيشه المغرب اليوم بما كان يعرف بسنوات الرصاص، نظرا لكون المملكة "قطعت أشواطا في مجال الحقوق والحريات". واعتبر المتحدث في ندوة تحت عنوان: "هل تجاوز المغرب سنوات الرصاص؟"، مساء أمس بالرباط، أن سنوات الرصاص "مصطلح إعلامي يستخدم لتحقيب فترة زمنية عرفت بصراع داخلي، فشلت الدولة آنذاك في تدبيره"، ولا يمكن مقارنته ب"أحداث 16 ماي"، نظرا لأن السياق مختلف، رغم أن هذه الفترة عرفت انتهاكا كبيرا جدا لحقوق الإنسان". وأكد المعتقل السابق الذي عايش هذه الأحداث أنه وقف على هذه "الانتهاكات والتعذيب وآثاره"، مشيرا إلى أن "الكل كان ضحية هذه التجاوزات، سواء المتورطون أو الأبرياء الذين حصدتهم الحملات الأمنية العشوائية خلال تلك الفترة"، مشددا على أن الجميع "تعرض لمحاكمات ليست فيها أدنى شروط العدالة". وفي السياق ذاته، أكد الداعية ذاته أن "على المغرب إذا أراد أن يطوي صفحة الماضي أن ينصف الضحايا الأبرياء الذين طالتهم الاعتقالات العشوائية، والذين يقبعون في السجن إلى حد الآن"، مشيرا إلى أنه من بين السجناء من "وقع ضحية لفكر معين، وهم الآن في حاجة إلى حوار وإعادة إدماج، نظرا لكونهم أبدوا رغبتهم في العودة إلى الوطن"، لكن صرخاتهم "لا تجد أي آذان صاغية"، على حد تعبيره. وأشار رفيقي، خلال تدخله في ندوة عنونت ب"هل تجاوز المغرب سنوات الرصاص؟"، إلى أن "الشروط التي أنجبت سنوات الرصاص ليست نفسها الشروط التي أنتجت انتهاكات أحداث 16 ماي"، وطالب في السياق ذاته بإحداث هيئة شبيهة بهيئة الإنصاف والمصالحة. "وإن كان الأمر صعب التحقق بعد عشر سنوات، لكن الأمر لا يعفي لا الدولة من الانتهاكات والتجاوزات التي حصلت في الملف، ولا المجتمع المدني والسياسي من اقتراح بدائل منصفة وعادلة تغلق هذا الملف والانتهاكات التي حصلت فيه"، يقول الداعية. واستطرد المتحدث: "الفضل في ما نعرفه اليوم من اتساع في هامش الحقوق والحريات يعود إلى التضحيات التي قام بها رواد الحركة الوطنية، من يساريين وتقدميين، وهبوا أرواحهم لخدمة الوطن"، مؤكدا أنه في الوقت الذي كان "معتقلو 16 ماي" في أمس الحاجة إلى من يترافع عنهم، كانت "الحقوقية الراحلة أسية الوديع تدخل السجن في منتصف الليل، من أجل المرافعة عن حقوقهم، وهي التي كانت تخالفهم تماما في الفكر والإديولوجيا"؛ مطالبا الإسلاميين ب"الاعتراف بفضل هذه القوى، وبالدماء التي بذلوها من أجل أن يصل المغرب إلى هذا الهامش من الحقوق". وفي حديثه عن الحركة الوطنية، شدد أبوحفص على أن "ما بذلته هذه الحركة من تضحيات يجب أن يبقى إرثا وطنيا، غير قابل لأي مزايدة سياسية، وليس من حق أي حزب أو جهة أن تركب على هذه القضية"؛ وهو ما جعله "أول شروط تحقيق مبدأ التعددية وتكريس قيم الكرامة والحرية التي ناضل من أجلها هؤلاء". *صحافي متدرب