تناولت الصحف المغاربية الصادرة اليوم الأربعاء، على الخصوص، واقع الصحافة التونسية بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، والانتهاكات التي تمارسها السلطات الجزائرية في حق الصحف المستقلة الخارجة عن سيطرتها. ففي تونس وتحت عنوان "اليوم العالمي لحرية الصحافة : تهميش .. انتهاكات .. وعودة إلى المربع الأول"، تساءلت صحيفة (الصباح")، في صفحتها الوطنية، "هل يعكس تصدر تونس قائمة الدول العربية في التصنيف العالمي لحرية الصحافة لسنة 2016 واقع القطاع الإعلامي في تونس ؟ هل تغير وضع الإعلاميين بعد الثورة حقا كما يتهيأ للبعض داخل تونس أو خارجها ؟ هل انتهت الأغلال والقيود التي كبلت القطاع لسنوات وعقود ؟". جوابا على بعض هذه الاسئلة تسجل الصحيفة أن "مسلسل التهميش ومحاولات التركيع يتواصل أمام غطرسة رأس المال الذي بات يحاول ارتهان قطاع الإعلام عبر اعتماد سياسة التجويع التي طالت العديد من الصحفيين دون حسيب أو رقيب (...) ومحاكمة العديد من الصحافيين الآخرين من أجل فرض قيود وضوابط لتركيع الأقلام الحرة". من جهتها أوردت صحيفة (المغرب) مضامين التقرير السنوي للنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين الذي أبرز أن انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لبعض الصحفيين تفاقمت في العديد من المؤسسات الإعلامية، مستعرضة أهم الاعتداءات على حرية الصحافة طيلة السنة المنقضية، والمتمثلة أساسا في "ممارسة سياسة الترهيب عبر إثارة المتابعات القضائية والاعتداءات الجسدية واللفظية والمنع من العمل في الفضاء العام ومحاولة ممثلي السلطة توجيه الإعلام والتدخل في مؤسساته". في المقابل، وتحت عنوان "حضر الاحتفال .. وغاب الصحفي"، كتب المحرر السياسي في صحيفة (الضمير)، في افتتاحية العدد، "يصح على الاحتفالات بعيد الصحافة هذه السنة أن نقول (حضر الاحتفال .. وغاب الصحفي)، احتفالات وتقارير وإشادة، والكل يثمن هوامش الحرية الكبيرة التي تتمتع بها بلادنا، دون أن يكلف أحد نفسه عناء التساؤل عن الثمن، وعن الذين يحترقون شموعا كل يوم حتى تصل المعلومة إلى القارئ نقية دون شوائب أو إضافات أو منكهات...ودون مساحيق أو ملونات". واعتبر كاتب الافتتاحية أن الصحفي الذي اختار مهنة المتاعب "وقرر أن يكون شمعة تحترق كي تشرق شمس الحقيقة وتضيء سماء بلدنا الذي تلبد بالظلمات .. وكم هو باهظ ثمن الحقيقة في بلد تربى الكثيرون فيه على زبونية مقيتة، في زمن أصبحت فيه المهنية مجرمة، والولاء والكذب وتزييف الحقاق مهنة تدر الكثير على أصحابها". وأشارت صحيفة (الشروق) إلى أن عدد الصحف، بعد ست سنوات من الثورة، بلغ 45 صحيفة يومية، منها 11 يومية و22 أسبوعية و8 شهرية، في حين تجاوز عدد القنوات التلفزيونية التونسية 12 قناة إضافة إلى 12 إذاعة خاصة و9 عمومية، معتبرة أنه "لا يمكن الحديث عن حرية الصحافة في ظل وجود إخلال وغموض فيما هو مهني وأخلاقي وما هو مالي وقانوني وسياسي، حيث ترابط تلك العناصر وحده الكفيل بتطوير حرية الصحافة، فلا يمكن ضمان حرية الصحافة إلا من خلال ضمان بيئة إعلامية حرة ومستقلة وقائمة على التعددية". في المقابل، اعتبرت صحيفة (الصحافة) أنه لا شك أن حرية التعبير تعتبر من أهم المكاسب التي حققتها الثورة لكل التونسيين دون استثناء، غير أن "واقع الاعلام التونسي بمختلف فروعه وتخصصاته ما يزال في حاجة أكيدة الى تعديلات". في الجزائر، نددت الصحافة ب"انقلاب" السلطة على الصحافة المستقلة بعد قرار الحكومة اللجوء إلى القضاء لإلغاء شراء مجمع صحفي من قبل رجل الأعمال يسعد ربراب. في هذا السياق، أشارت صحيفة (الخبر) إلى أن قاضي الغرفة الثانية بمحكمة "بئر مراد رايس" بالعاصمة سيبت اليوم الأربعاء في قضية صفقة "الخبر - ربراب"، بعدما تم تأجيلها أول أمس الإثنين. وعلقت قائلة "يقف القضاء الجزائري اليوم، مع أول قضية من هذا النوع بالجزائر، كما ستكون المحكمة على موعد مع ساعة الحقيقة، بعد التجاذبات القانونية المغلفة بموقف سياسي، أو كما تراه عديد الأحزاب السياسية، بهدف هدم صرح من صروح حرية التعبير بالجزائر"، مضيفة أن السلطة تريد أن تكون "لنا حكومة من دون صحافة". واعتبرت الصحيفة أن ما بين ما هو مكتوب بالحبر في الدستور وبين واقع الممارسة الإعلامية وحرية التعبير في الميدان، ليس هناك عناء كبير لاكتشاف أن أغلبية تلك المواد الدستورية "أدرجت للزينة"، أكثر منها إلى السعي حقيقة لجعل حرية الصحافة والتعبير "ثقافة ملموسة" في هذا البلد، بحيث ظل التعامل مع حريات التعبير والرأي والصحافة والتجمع مجرد "واجهة" تستعمل من طرف السلطة لتجنب ضغوط الخارج أكثر منها لتحقيق إصلاحات سياسية وإعلامية تضع قطيعة نهائية مع سياسة الغلق والتضييق، التي ظلت العملة الوحيدة المتداولة في قاموس السلطة. ونقلت الصحف الجزائرية عن رجل الأعمال يسعد ربراب تنديده، في تصريح صحفي، ب" انقلاب" تنفذه السلطات الجزائرية ضد الصحافة المستقلة عن السلطة السياسية. وأضاف ربراب أن مسعى السلطات ضده يعكس "رفضا لوجود صحافة ذات خط تحريري مستقل عن السلطة". ووصف الإجراء القضائي الذي ستنظر فيه المحكمة الإدارية اليوم ب"قرار سياسي، وانقلاب على الصحافة المستقلة". في المقابل نقلت صحيفة (وقت الجزائر) عن وزير الاتصال حميد قرين نفيه لكل الاتهامات الموجهة إليه بخصوص سعيه غلق مؤسسة (الخبر) أو إبطال الصفقة مع رجل الأعمال ربراب، مؤكدا أن "القضية بيد العدالة وستفصل في الملف اليوم الأربعاء". وادعى قرين أن "قضية الخبر تم تسييسها من بعض الأطراف (...) والقضية ليست موجهة ضد شخص رجل الأعمال يسعد ربراب"، مضيفا "من وجهة نظري الصفقة غير قانونية، وإذا رأت العدالة عكس ذلك فإن الوزارة ستقبل وستمتثل لقرارها". في سياق متصل، كتبت صحيفة (المحور اليومي) أن وزير الاتصال فتح النار على ثلاث صحف رفض تسميتها، متهما إياها بأنها ترسم صورة سوداوية عن الجزائر وتتعرض لمؤسسات الدولة بما يتجاوز حدود حرية الصحافة، مشيرا أنها تشكل لوبي للضغط على الدولة لفرض رأيها. وزعم أن "الحكومة لا تتعدى ولا تتهم أشخاص أو مؤسسات بل تسعى إلى تطبيق القانون، وأن عمله يتمثل في تطبيق القوانين والقضية ليست موجهة ضد شخص رجل الأعمال يسعد ربراب".