عندما أردت أن اكتب الآن، تساءلت إن كانت كلماتي، ستفيد شيئا؟، الجواب المخجل، أنها لن تفيد من أعانق ورقتي الآن من اجلها، ولكني أخط أنانية مني، فهذا الإحساس بالقهر والغلبة، يكاد يطبق على صدري، لعله يمسح دموعي التي تحجب رؤيتي، حتى اختلطت الكلمات بالمداد، كما اختلطت الدماء بالرماد هناك بأرض الشام وفلسطين وبغداد، ما يقتلني الآن، إحساس الضعف والدون والهوان . انعدام حيلتي، وشللي. قلبي وتعاطفي وقلمي لن يوقف نارا، ولن يحقن دما، ولن يقف بوجه الظلم. إحساسي الآن، لن يحمي طفلا غطته الأتربة والرماد، بكائي الآن وعويلي، واكتآبي، لن ينقد حلب . الشام تحترق، الشام تدفع ثمن جبننا، وقهرنا، ثمن غدرنا وخيانتنا، حلب الآن تدفع ثمن قلة الرجال بين صفوفنا، فنحن نخون حتى وسط حياتنا العادية،و نخون لأننا نكره بعض زملائنا في العمل، نخون لأننا نريد منصبا، أو نخون لأننا نريد مقعد شخص ما، نخون بالمجان، فكيف لا نخون خوفا على سلطاننا، ، كيف لانخون ونحن شعوب تعودت على بيع كل شيء حتى الشرف. قتلت النخوة فينا، منذ زمن، قتلت عندما تحالف التعليم الإعلام والسياسة، والفقر والاستعمار والغرب وقلة الدين والإيمان ،والخوف من الغرب العدو والصديق المزيف. نحن شعوب تعودت الخوف والقمع، ولو لم نكن كذلك، لكنا حررنا عقولنا، قبل تحرير أراضينا، نحن شعب نخاف من الماضي والحاضر والمستقبل، نخاف على اندثار رغيف الخبز، نخاف أن نبيت في العراء، ولا نخاف أن تتعرى كرامتنا. أكتب وأنا أعلم، أن كتاباتي وسطوري لن تغير شيء، ولازلت أكتب، ولازالت أناملي تنفلت من وصايتي، أحاول أن اكبحها وأقمعها، فأنا وهي تعودنا ذلك. نحن شعب بعنا فلسطين والعراق والشام من أجل النفط، والمال وبعض الاتفاقيات والضمانات الخاوية الواهية، قبلنا بلاشيء، مقابل كل شيء، مقايضة بئيسة رخيصة، لعينة. ماذا سنقول عندما نقف بين يدي القوي الجبار، لماذا صمتنا، لماذا تركنا القليل من الزاد، يحجب ضمائرنا، لماذا جردنا من إرادتنا بمحض إرادتنا؟. كيف تحلو لنا السهرات والرقصات، وأجيال تباد؟، وأمهات تكلم؟، و زوجات ترمل.، ورجال تنتزع منهم رجولتهم؟. أين غضبنا، أين فورانً إحساسنا، أين دم العربي فينا؟. وتحترق سوريا، وتقصف، و تغتصب إرادة المصريين وتسلب، وتبقى فلسطين تنتظر، نخوة، أعطتنا عمرها ولم تعطنا إصرارها، وننتظر نحن سماء تمطر حرية، وكرامة. الإنتظار طال، والدماء سالت، والأرواح أزهقت، والإرادة سلبت، والكارثة أوشكت على إخفاء ما تبقى من معالم حضارة، قاومت بطش الروم لزمن و لم تقاوم خيانة بني جلدتها.