في خطوة لافتة هدفها توحيد اليسار، و"إحياء الكتلة الديمقراطية"، عقد كل من المكتبين السياسيين لحزبي لاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية، اليوم الأربعاء، لقاء مشتركا بالرباط رغم اختلاف مواقعهما بين الحكومة والمعارضة. وطغت لغة المجاملات وتغليب المبادئ الإيديولوجية على كلمة قيادة الحزبين، خلال اللقاء الذي احتضنه مقر حزب "الوردة" بالرباط، وذلك على بعد أشهر قليلة فقط من الانتخابات التشريعية، والتي اختار كل طرف منهما التنسيق مع حزب خارج الكتلة واليسار، وهما العدالة والتنمية بالنسبة للتقدم والاشتراكية، والأصالة والمعاصرة بالنسبة للاتحاد الاشتراكي. نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أكد في جواب له على سؤال لهسبريس حول خطوات اللقاء المستقبلية خصوصا وأن السنة انتخابية، على ضرورة تجاوز ما وصفها بالصورة المبسطة التي يمكن أن تعطى لهذا اللقاء، لأنه ينتمي إلى منظومة فكرية راقية، موضحا أن "هذين الحزبين اختلفا في مواقعهما، وهذا لا ينفي أنهما ينتميان إلى مرجعية واحدة وموحدة، وأن عليهما مواجهة التحديات المطروحة على مجتمعنا معا". بنعبد الله قال، خلال اللقاء الذي جمعه ولشكر مع الصحافيين على هامش الاجتماع، إن "المؤسف والسلبي هو الاستمرارية في مواقعنا دون أن ننسق لأن انتماءنا للأغلبية والمعارضة لا يجب أن يحول دون تنسيقنا"، مضيفا أن "الراقي هو ضرورة مقاربة الحاضر من خلال موقع النساء، ومضامين القوانين الانتخابية، كما أن هناك قضايا أخرى مثل القضية الوطنية التي تستلزم كلمة موحدة، والتوجهات الاقتصادية اليسارية القوية، وأن لا نخضع للتوجهات الليبرالية، وضرورة تدعيم العدالة الاجتماعية، لكل ذلك نلتقي اليوم". وفي هذا الصدد، كشف الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، أن حزب "الكتاب" وجه دعوة، كذلك، إلى حزب الاستقلال لعقد لقاء مع لجنته التنفيذية، بعد استجابة قيادة الاتحاد الاشتراكي، معلنا أن هذه "الخطوات ستظل مرتبطة برغبة هذه الأحزاب في إحياء ما كنا عليه على مستوى الكتلة الديمقراطية". "رغبتنا في التقدم والاشتراكية أن نظل متشبثين بهذا المطلب (إحياء الكتلة)، وما يهمنا هو مناقشة القضايا المشتركة والقناعات المشتركة، وبلورتها كمشروع لتنزيل رؤية اليسار للوصول إلى أعمال مشتركة"، يقول بنعبد الله الذي أوضح أن لقاء القيادتين "ليس من أجل تقييم ما فات"، مبرزا أن "الجميع يعلم أننا اختلفنا في المواقع خلال الخمس سنوات الماضية، لكن المهم ماذا يمكن أن نقوم به في المستقبل انطلاقا من قناعاتنا اليسارية". وشدد الأمين العام لحزب "الكتاب" على أن "ما يهمنا هو أن يكون موقع اليسار أقوى في المجتمع رغم اختلاف المواقع، لذلك نعتبر أنه من واجبنا أن نناقش انطلاقا من المشترك بينا"، موضحا بخصوص نحاج الفكرة من عدمها، أن "هذا متروك للمستقبل لأن المنطق يقتضي أن تكون التحالفات بناء على برامج وليس نزاعات شخصية، بل القناعات والتوجهات"، ليضيف أنه "من أجل ذلك علينا مناقشة معالم المستقبل، ولا يتعين أن ننتظر من هذا اللقاء إعلانات كبرى ستخيب الآمال، لذلك لابد أن نكون واقعيين". من جانبه سجل إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن اختلاف مواقع الحزبين، بين المعارضة والحكومة، لا ينفي "ما يجمعنا من قيم مشتركة نابعة من مرجعيتنا التاريخية والفكرية"، مجددا التأكيد على أن "التحالفات ستكون على أساس البرنامج، ونعتقد أن برامجنا ستكون لها المرجعيات نفسها". الكاتب الأول لحزب "الوردة" قال، ضمن في اللقاء المذكور، جوابا على سؤال لهسبريس حول آفاق هذا التحالف، إنه "رغم اختلاف المواقع يمكن الاشتغال على تطوير العملية الديمقراطية، وعلى رأسها المساواة ونزاهة الانتخابات، سواء كنا في الأغلبية أو المعارضة"، مشيرا إلى أن التنسيقات الحالية فرضتها المواقع، "لأنه لا يمكن أن يكون حزب في المعارضة ويتحالف مع حزب في الأغلبية"، على حد تعبير لشكر. وفي هذا الصدد، أكد لشكر أن "ما يجمعنا يدعونا إلى أن نؤسس تحالفا مستقبليا، ليس على أساس المقاعد أو الأشخاص، بل يجب أن يؤسس على قاعدة البرنامج الانتخابي"، معلنا أن "كل تحالف لا يمكن أن يكون إلا من أن أجل تطوير العملية الديمقراطية وفي مقدمته ضمان نزاهة العملية الانتخابية".