أن تكتب رواية فيسبوكية يعني أن تجد نفسك أمام شرط كتابةٍ جديدة ومختلفة تماما عن الكتابة الكلاسيكية الاعتيادية. الحقيقةُ أنني لم أكن أدرك هذا عندما بدأت "المغامرة"، لكن أشياءً كثيرة تجلّت لي مع كل فصل أكتبه، ومع تفاعل القراء الذي غير الكثير في الرواية نفسها وفي أحداثها. كيف جاءتني الفكرة؟ الحقيقة أنني كنت قد كتبت قصة قصيرة غير مكتملة على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، وفاجأني أن عدد كبيرا من المتابعين راسلوني معربين عن شوقهم لمعرفة النهاية، ولأنني أحاول منذ مدة كتابة رواية إلا أنني أتقاعس وأتكاسل، اعتبرتها فرصة لخوض المغامرة وتجربة كتابة فصول الرواية على فيسبوك بحيث يكون المتابعون المباشرون حافزا لي على إكمالها، وهذا ما كان. بالنسبة لأحداث الرواية ففي الواقع لم تكن لدي أي فكرة عن الحبكة والتشعبات اللاحقة، لقد كتبت الفصل الأول وأنا أقدم رجلا وأؤخر أخرى وأتساءل عن الأحداث التي يمكن أن أدرجها لاحقا. لكن بعد الفصل الثاني والثالث، ومع تفاعل القراء الحماسي الكبير، وجدتني أنغمس تماما في الكتابة (بمعدّل كتابة فصل كل يومين) لأصل في الأخير إلى 35 فصلا استغرقت كتابتها شهرين. ما الذي يميز الرواية الفيسبوكية؟ دائما أحاول أن أوضح وأفصل بين الرواية الرقمية التفاعلية والرواية الفيسبوكية، فالرواية الفيسبوكية هي رواية تكتب فصولها مباشرة على الموقع، ويتفاعل معها القراء وقد يشاركون في تغيير أحداثه أيضا أحيانا. ولقد اعتمدت في رواية "على بعد ملمتر واحد فقط" على تقنية استطلاعات الرأي لاستشارة القراء في حدثين مفصليين في الرواية حيث تركت لهم حرية اتخاذ القرار في مصير البطل، وكانت نتيجة التصويت هي الحكم. إضافة إلى ذلك يوفر فيسبوك خاصية نشر الفيديو والصور، وهما تقنيتان اعتمدتها من أجل وصف أماكن الرواية والأغاني التي يستمع إليها البطل مثلا والأفلام التي تحدث عنها. لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تم نشر برومو للرواية أغنية خاصة بها، وكل هذا على موقع فيسبوك مع التفاعلية الدائمة التي يوفرها. تفاعلية الرواية وصلت إلى حدّ أن العنوان الثانوي للرواية كان من اقتراح أحد القراء وهو "زهرليزا" (دمج كملتي الزّهرة و الموناليزا). أدبيا، يختلف كتابة رواية فيسبوكية عن كتابة رواية كلاسيكية، فالقارئ الفيسبوكي قارئ ملولٌ ولو سقط الكاتب في الإطناب فسيخسر قراء كثيرين، فالتلاعب بالأسلوب ونسيان الحبكة والشخصيات سيكون على حساب المتابعة. لهذا، فالتشويق والإثارة وعنصر المفاجأة مع نهاية كل فصل مطلوبان بشدة. هي شروط تفرضها الرواية الفيسبوكية بكل ما لها وما عليها، فإما أن يخضع لها الكاتب أو فليكتب رواية عادية إن كان يرى أن هذا يؤثر على عطائه الأدبي. وعندما أقول هذا فأنا لا أقصد أن تكون الرواية مبتذلة أو سطحية، بل فقط يفضّل أن يكون الأسلوب سهلاً ممتنعاً، ولعلي أستحضر هنا ما قاله باسكال بهذا الخصوص "عندما نقرأ أسلوبا طبيعيا تأخذنا الدهشة والنشوة، لأننا نتوقع أن نجد كاتبا فإذا بنا نكتشف إنسانا". لا أريد أن أقول حرفيا أن الحبكة والشخصيات في الرواية أهم من الأسلوب، لكن غيابهما هو إقبار للرواية الفيسبوكية بمعناها التفاعلي الذي يقتضي وجود قراء كُثر ومتفاعلين على مدار الساعة. الفارق الزمني بين الفصلين كان يومان، وأعترف أن هذا كان مرهقا جدّا، ولقد تورطت دون أن أشعر في هذا النمط بحيث أن أي تأخر كان يقابل من القراء برسائل تخبرني بانتظارهم للفصل القادم ، فما كان مني إلا أن ألتزم بنشر فصل كل يومين. وهنا يطرح السؤال: هل يمكن أن تكتب فصلا متى شئت وتحافظ على نفس القراء؟ هذا مطبّ جديد أيضا، المباعدة بين الفصول زمنيا قد تفقدك قراءً على الصعيد التقني، فموقع فيسبوك لا يقوم بعرض كل ما تنشر على واجهة صفحات المتابعين، وكلما تأخرت في النشر قلّ عرض الصفحات. هي هموم تقنية فعلا، لكن لا بد أن يحيط بها كاتب الرواية الفيسبوكية كي لا يفلت خيط القراء والمتابعة من يده. عندما نتحدث عن الرواية الفيسبوكية فنحن نتحدث عن رواية تخضع لشروط عديدة لا بد أن يقبل بها الكاتب إن كان يريد خوض المغامرة. يجب أن أقر أيضا أن الرواية الفيسبوكية هي رواية "لايت" ومسلية في الغالب، يمكن تحميلها بعض الأبعاد والرسائل، لكن ليس إلى درجة اعتبارها رواية من النوع "الثقيل". رابط مجاني لتحميل الرواية: http://www.msahli.com/1mm