تخوفات كبيرة أفرزتها الساعة الإضافية التي تم العمل بها بالمغرب مع أوائل أيام الربيع، بعد أن كان يطلق عليها "الساعة الصيفية"، وهو ما أعرب عنه آباء وأمهات التلاميذ والتلميذات، خاصة الصغار منهم، الذين لا يستطيعون الخلود إلى النوم ليلا ولا الاستيقاظ صباحا وفق التوقيت الجديد. "يتأخر موعد نومه عن المعتاد بساعتين تقريبا، ويستيقظ بعد جهد كبير، ويرفض تناول وجبة الفطور"، تقول عتيقة، والدة طفل يبلغ من العمر 6 سنوات ويدرس بالمستوى الأول ابتدائي، متابعة بالقول: "منذ اعتماد الساعة الإضافية في 27 من مارس المنصرم، بت ألقى صعوبات مع ابني، حيث تمرد على كل عاداته الغذائية وتلك المرتبطة بوقت النوم، فما عاد يذهب نشيطا إلى مدرسته، وأصبح يتذمر بكثرة حتى إنه بكى خلال اليوم الأول". من جهتها، قالت أم طفلة لا يتجاوز عمرها الأربع سنوات وتتابع دراستها التمهيدية بروض للأطفال في مدينة سلا، "تأخرت خولة ليومين متتاليين عن موعد الالتحاق بالفصل، ورفضت حتى أن تفتح عينيها صباحا، واضطررت إلى نقلها صوب الروض بملابس النوم حتى أتمكن بدوري من الالتحاق بمقر العمل دون أن أتأخر لوقت أطول"، وتابعت حديثها بوجه منقبض: "حز في نفسي ألا تتمكن الصغيرة من النوم بشكل كاف، خاصة أنها أكملت نومها بالمؤسسة، لكني أيضا ملزمة بالالتحاق بالعمل في الوقت المحدد". مارية قرافلي، أستاذة بالتعليم الابتدائي بإحدى المدارس الخصوصية بمدينة الرباط، أوضحت، ضمن حديثها مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن اعتماد الساعة الإضافية تزامن مع أسبوع الامتحانات، وهو الأمر الذي ضاعف من المجهودات المبذولة من طرف التلاميذ وذويهم، وكذلك زاد العبء على الهيئة التدريسية، مؤكدة أن جل التلاميذ كانوا يصلون في الوقت المحدد خلال الفترة الصباحية تفاديا لضياع الامتحانات. فاعلون جمعويون أبدوا، هو أيضا، تخوفاتهم من تأثير الساعة الإضافية على الأطفال المتمدرسين وصحتهم، مطالبين بإلغاء الساعة الإضافية بسبب "تأثيراتها السلبية على حياتهم"، خاصة بعد أن عمدت الحكومة إلى نقل موعدها من شهر أبريل إلى أواخر شهر مارس، متهمين إياها بالتسبب في"اضطرابات نفسية للأطفال والتلاميذ المتمدرسين في جميع المستويات الدراسية". جريدة هسبريس الالكترونية تساءلت عن مدى صحة هذا الطرح، وهو ما أجابت عنه البروفسور يامنة كريول، رئيسة مصلحة الأطفال بمستشفى ابن سينا بالرباط، بالتأكيد على أن "تقليص حصة النوم المعتادة وتأثر جودتها يجعل من الأطفال متوترين وعصبيين أكثر، ويزداد ميلهم نحو الغضب الشديد والحركية الزائدة". وأفادت الاختصاصية في أمراض الصرع والأعصاب والاستقلاب عند الأطفال بأن مردودية الدراسة تتأثر بدورها، حيث يلزم التلاميذ، خاصة الصغار منهم، ساعتان تقريبا لاستيقاظ ذهنهم فعليا، وليدب فيهم النشاط ويتمكنوا من التركيز واستيعاب المعارف والدروس. وأوضحت أستاذة التعليم العالي بكلية الطب بالرباط أن "نوم الساعات الأولى مهم جدا، حيث يبدأ لدى الأطفال من الثامنة أو التاسعة مساء إلى حدود الثالثة ليلا، وهي الفترة اللازمة للتخلص من التعب الجسدي وكل الحركية والركض والقفز، لتأتي بعدها فترة تعمل على تهدئة النفس وتعزيز القدرات الذهنية، تتميز بالأحلام"، مردفة: "تأخر نوم الأطفال واستيقاظهم قبل الوقت الذي اعتادوا عليه حتما سيؤثر على صحتهم الجسدية والمعنوية والنفسية، وسيلزمهم أسابيع للتأقلم من جديد مع الساعة الإضافية والسير وفق إيقاعها". وبخصوص التغذية، أكدت البروفسور أن تغير توقيت الوجبات الغذائية وازدياد عددها، بحكم أن الأطفال عادة لا يتناولون فطورهم ويزداد الأمر سوء مع التوقيت الجديد، ثم يلجؤون عشية إلى تناول لُمجة، وبعدها وجبة العشاء، قد يتسبب في زيادة الوزن لديهم، داعية الآباء والأمهات إلى الحفاظ على وجبة الفطور الرئيسية لما تضمنه من توازن باقي الوجبات خلال اليوم.