كلما تقدًّمت عقارب الساعة 60 دقيقة إلى الأمام إلا وكثر الحديث عن الارتباك الذي يسببه هذا التغيير لدى المغاربة، حيث ما يزال اعتماد التوقيت الصيفي يثير في أوساط المواطنين جدلا بين مؤيدين يرونه فرصة لربح الوقت وقضاء المآرب ومعارضين يربكهم ولا يتأقلمون معه بسهولة. إلى ذلك، اعتبرت سميرة التي تعمل في إحدى الإدارات العمومية، أن التوقيت الصيفي يساعدها على تنظيم وقتها واستغلال الساعات المسائية بشكل أفضل، فيما يرى محمد وهو موظف متقاعد أن تغير التوقيت غير مهم بالنسبة إليه، حيث أكد أنه لا يضبط ساعاته على التوقيت الجديد بل يتصرف وكأن شيئا لم يتغير مادام الآذان للصلوات هو نفسه. وأكدت حياة أم لطفلين تأثير الساعة الإضافية على صحة الأطفال، حيث يضطر الأطفال إلى القيام باكرا للذهاب إلى المدارس وهم شبه نائمين مما يترتب عنه، حسب الأم، اضطراب في إيقاع النوم والاستيقاظ مبكرا وضعف في تركيزهم. ارتباطا بالموضوع، أشار مدير مدرسة خصوصية أن من " مساوئ" هذا التوقيت تسجيل رقم قياسي في حالات الغياب خاصة في الحصة الأولى بين 8و9 من صباح أول يوم في تطبيق الساعة الصيفية، مؤكدا أن عددا من الأسر لم تستطع الانسجام السريع مع التوقيت مشيرا إلى أن الغياب لم يقتصر على التلاميذ وحدهم. من جهتها تقول شيماء تلميذة بالسلك الإعدادي إن وجبة الفطور تحولت عندها لما يشبه وجبة السحور حيث تتناول فطورها وهي نائمة، مضيفة أنها في أحيان كثيرة تستغل وقت الفطور للنوم قليلا، لافتة إلى تأثير التوقيت السلبي على مراجعتها لدروسها. الساعة البيولوجية تعليقا على الموضوع، أوضح الطبيب الاختصاصي في الطب العام بالرباط عدنان الإسماعيلي، أن زيادة 60 دقيقة إلى توقيت غرينيتش يؤدي إلى اضطراب الساعة البيولوجية التي تعتبر الساعة الحيوية المسؤولة عن تنظيم النوم والاستيقاظ والنشاط والقدرة على التركيز والقيام بالمهام الحياتية. وأكد الطبيب لهسبريس أن الساعة البيولوجية هي التي تتحكم في النشاط الهرموني للجسم حيث تُمكن الإنسان من الاستيقاظ صباحا وتوجهه للنوم ليلا. أما عن تأثير اضطراب الساعة البيولوجية على جسم الإنسان، أكد الطبيب أن اضطراب الساعة البيولوجية ينتج عنه اضطراب في النوم مشيرا إلى ما يرافق ذلك من أرق وصداع وإرهاق وسوء في المزاج خاصة لدى الأطفال وكبار السن الذين يجدون صعوبة في التكيف مع الوقت الجديد. وبحسب الطبيب فإن اضطراب النوم يترتب عنه قلة التركيز ومشاكل في الذاكرة مع نقص في الشهية واضطراب في الجهاز الهضمي موضحا أن عدم التأقلم السريع مع هذا التغيير قد يؤدي إلى ضعف الجهاز المناعي مما يعرض لأمراض كالسكري وارتفاع الضغط الدموي وأمراض القلب. ولتجنب هذه المضاعفات نصح الاسماعيلي، بتجنب شرب المنبهات كالشاي والقهوة، داعيا إلى الحفاظ على وجبة الفطور بشكل يومي باعتبار أن الفطور من أهم الوجبات الغذائية، مشددا على ضرورة النوم باكرا لسبع ساعات على الأقل مع الحرص على النوم في فترة القيلولة والاستفادة من الساعات الأولى من الاستيقاظ للمراجعة والحفظ لأنه الوقت الأنسب لتخزين المعلومات. اضطراب نسبي وحول تأثير الساعة الصيفية على الصحة النفسية أكد عبد المجيد كمي معالج وأخصائي نفسي بوجدة، أن زيادة ساعة واحدة لا يؤثر تأثير كبير على النفسية نظرا لسرعة تأقلم الساعة البيولوجية موضحا أنه قد تؤثر تأثير طفيفا في حالات نادرة بالنسبة للأشخاص الذين يستعملون بعض الأدوية. وأشار المختص النفسي ضمن تصريحه للهسبريس أن تأثير تغير الوقت يكون كبيرا بالنسبة للأشخاص الذين يعملون ليلا كالحراس الليلين، لكن حسب كمي دائما، يبقى التأثير نسبي بين الأشخاص حيث أكد أن الساعة البيولوجية تخضع لإفرازات هرمونية هي المسؤولة عن اليقظة والنشاط إلا أنها تكون منخفضة ليلا. واعتبر كمي أن الحديث عن اضطراب الساعة البيولوجية يكون عند الأشخاص الذين تتغير فترات عملهم بين الليل والنهار ، مشيرا إلى أن الأمر قد ينتج عنه اضطرابات نفسية تؤثر على المزاج وقد تؤدي إلى قلق واكتئاب لكن ذلك يبقى نسبيا يختلف من شخص لآخر بحسب الشخصية والمناعة النفسية. *صحافية متدربة