على بعد خطوات قليلة من شاطئ "دوفيل"، وسط مدينة الجديدة، تنتصب بناية بيضاء مهجورة، لا يُميّز منها سوى العدد الكبير من النوافذ، وبعض مظاهر الإهمال التي طالت الفضاء منذ فترة طويلة، وفي الوقت الذي يتساءل زوار المنطقة عن ماهية تلك البناية وسبب تحولها إلى أطلال، يجيب أبناء المدينة بالقول إن الأمر يتعلق بفندق مهجور يدعى "دكالة بوجدايل". وللنبش في بعض الجوانب التاريخية للفندق، أشار خالد السفيني، رئيس جمعية مازاكان الجديدة للتراث، إلى أن المنطقة التي يقع بها الفندق كانت تُسمى قديما "نور القمر"، حيث اتُّخذت في سنوات الستينيات والسبعينيات فضاء للتخييم، قبل أن يتم منع المصطافين من نصب خيامهم فوق تلك القطعة الأرضية، من أجل تخصيصها لتنظيم الأنشطة الثقافية الرياضية والفروسية التقليدية وغيرها. وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن فندقا مجاورا يسمى "مرحبا" عرف، أواخر سبعينيات القرن الماضي، مجموعة من المشاكل التي فرضت على الجهات المعنية بناء فندق جديد، بمواصفات مختلفة، وهو "دكالة" الذي تميز بصبغته الخاصة، وقدرته على استقطاب زوار من مختلف الدول، ليتقرّر إغلاقه بعد فترة من بيعه لمستثمر سعودي يدعى "بوجدايل". ومع مرور السنوات على إغلاق فندق دكالة، اتخذه عدد من المتشردين مسكنا لهم، ما تسبب في تراكم الأزبال داخل مرافقه، وانهيار بعض أسقفه، وتآكل جدرانه، وتساقط نوافذه، إلى أن صار نقطة سوداء بالمنطقة، تشوّه صورة المدينة من جهة، وتشكل خطرا على زوار الشاطئ من جهة ثانية، خاصة بعد واقعة العثور، قبل فترة، على جثة معلقة بحبل داخل إحدى غرف الفندق المهجور. أما لحسن مقبولي، نائب رئيس بلدية الجديدة، فأوضح أن موضوع الفندق نوقش بشكل كبير من طرف المجلس الجماعي السابق، وتقدم حينها المعنيون بالملف بمجموعة من المقترحات والتوصيات، من بينها إمكانية نزع الملكية، مشيرا إلى أن المجلس الحالي عقد، قبل أيام قليلة، لقاء لتدارس وضعية تلك البناية، من أجل إيجاد حل سريع وقانوني لها. وأضاف المسؤول الجماعي، في تصريح لهسبريس، أن اللقاء المشار إليها خلص إلى ضرورة دعوة المالك أو المسؤول الحالي عن الفندق، وعقد لقاء رسمي معه، من أجل تدارس مقترحاته الخاصة، والبدائل الممكنة لحل هذا الملف، مؤكّدا أن القرار الذي يُمكن للمجلس البلدي اتخاذه في هذا الشأن رهين بخلاصات اللقاء مع المالك. ونظرا لاعتبار البناية نقطة سوداء بمدينة الجديدة، وتحولها إلى مرتع للكلاب الضالة، ومأوى للمتشردين والمهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء، فقد أكّد نائب رئيس المجلس البلدي أن إجراءات احترازية ينبغي القيام بها، في انتظار إيجاد حل نهائي للملف، ومن ضمنها تعزيز الأمن بمحيط الفندق، وإغلاق أبوابه ونوافذه، وتشذيب الأشجار المحيطة به. وعن حدود مسؤولية وزارة السياحة في الملف، باعتبارها وصية على تتبع مؤسسات الإيواء السياحي، أوضح المندوب الإقليمي للوزارة بالجديدة أن فندق "دكالة" يدخل في إطار الاستثمار الخاص من جهة، ودور المندوبية الإقليمية لوزارة السياحة، من جهة ثانية، ينحصر في مساعدة المستثمر، صاحب المشروع، في سلك المسطرة القانونية لإعادة إصلاحه أو توسيعه. وأوضح المسؤول ذاته، في تصريح لهسبريس، أن الفندق طال أمد إغلاقه لأسباب لا علاقة لوزارة السياحة بها، فيما تبدأ مسؤوليتها عندما يرغب صاحب الفندق في إعطاء انطلاقته من جديد، حيث تنهي المندوبية، في أقل من شهر، كل الإجراءات القانونية الضرورية من أجل إحالة القرار على الوالي من أجل توقيعه، وإجراء عملية "تصنيف الاستغلال" بعد ذلك.