دعت الباحثة أسماء المرابط، رئيسة مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلام، إلى العمل على تنزيل مبادئ المساواة التي نص عليها الدين الإسلامي بين الرجل والمرأة، مؤكدة أن المجتمعات الإسلامية لم تطبق هذه المبادئ، واعتمدت على تأويلات فقهاء تعد آراؤهم قابلة للنقاش والاجتهاد. جاء ذلك في مداخلة للمرابط ضمن ندوة نظمت بمقر وزارة الشؤون الخارجية والتعاون بالرباط، إذ أكدت الباحثة المغربية أن قيم المساواة الكونية نص عليها الإسلام من خلال عدد من الآيات القرآنية، على الرغم من أن المجتمعات في المنطقة اعتمدت على آراء فقهاء ومفسرين أوّلوا ما ورد في القرآن والأحاديث النبوية دون استحضار المقاصد التي تهدف إلى إقامة العدل والمساواة بين الناس. وفي الوقت الذي استحضرت فيه أسماء المرابط الفصل التاسع عشر من الدستور، الذي ينص على المساواة بين الجنسين، قالت إن المغرب لا يزال بعيدا عن المساواة بين الرجل والمرأة، داعية إلى ضرورة العمل على ذلك، وترجمة المبادئ الواردة في القرآن والوثيقة الدستورية على أرض الواقع، وتجاوز الرؤية التقليدية تجاه المرأة، على الرغم مما أسمتها "المقاومة الهوياتية باسم الدين"، والتي تبرر الوضع القائم. المتحدثة شددت على "ضرورة تجاوز التناقضات والسكيزوفرينيا التي نعيشها حاليا، وتجاوز الخطاب التقليدي الذي يحاصر المساواة، ومناقشة هذه الرؤى التقليدية"، من خلال التوفيق بين القيم التي نص عليها الإسلام، والرؤية المعاصرة، "وبدون ذلك نحن غير قادرون على الوضع الحالي"، تقول المرابط. وفي هذا السياق، أكدت رئيسة مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلام، على ضرورة الاعتماد على مقاربة إصلاحية جديدة في قلب الدين الإسلامي، تقترح طريقا ثالثا ينهل من الإسلام، والمساواة بين الرجل والمرأة، وتجاوز الرؤى الفقهية التي تنظر للمرأة على أنها أقل شأنا من الرجل، "لأن هذه الرؤى تبقى تأويلات بشرية خاصة تفسر المساواة". المرابط تابعت التأكيد على أنه تم تهميش الرسائل الروحية للقرآن، وتم الاعتماد على تأويلات بشرية محضة في ما يخص المساواة بين الجنسين، داعية إلى الرجوع إلى المعاني الأساسية للقرآن، وعدم عزل الآيات عن سياقها الذي نزلت فيه، خاصة في ما يتعلق بقضايا مثل تعدد الزوجات وتوزيع الإرث. ومن أجل تجاوز القراءة الضيقة للنصوص الإسلامية، دعت المرابط إلى استحضارها من خلال مقاصد الشريعة التي تقوم أساسا على المصلحة العامة، ورفع الحرج، ثم إقامة العدل، مشددة على ضرورة الاجتهاد الذي يعكس دينامية النصوص ويجدد الدين، واستحضار أبعاد الدين التي تنص على مبدأ التوحيد، والتحرر من جميع السلط، والعلم، وحرية المعتقد، من خلال الآيات التي تقول إنه "لا إكراه في الدين"، في حين إن مسألة التنصيص على استعمال العقل لا يوجد فيها فرق بين الرجل والمرأة. الباحثة المغربية اعتبرت أن الاختلاف والتنوع يوجد في قلب الدين الإسلامي، كما أن عددا من الآيات القرآنية التي تدعو إلى المساواة تم تهميشها، وتعويضها بمسألة الطاعة، مستحضرة تعريف الزواج في بعض المقررات، والذي يعتبر الزوجة "أَمَةً" مطيعة لسلطة الزوج، وعقد النكاح "عقدا للتمتع"، وهذا ما تراه الباحثة بعيدا عن مبادئ الإسلام. أسماء المرابط أبرزت أن الإسلام جاء في وقت لم تكن فيه المرأة، حسب الأعراف والتقاليد، ترث، ونص على أن تتمتع بنصيبها من الإرث، مشددة على أن آيات قرآنية تدعو إلى المساواة بين الجنسين، كالآيتين السابعة والثامنة من سورة النساء: "للرجال نصيب مما ترك الوالدان والأقربون وللنساء نصيب مما ترك الوالدان والأقربون مما قل منه أو كثر نصيبا مفروضا (7) وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا (8)". وبخصوص الآية التي تنص على أن "للذكر مثل حظ الأنثيين"، فإن الباحثة المغربية ترى أنها جاءت في سياق خاص، كانت فيه القوامة للرجال، ولكن اليوم تغيرت هذه المسألة بشكل كبير، داعية إلى إعادة قراءة آيات الإرث من خلال استحضار المقاصد، كما استحضرت دعوات الفقيه ابن القيم الجوزية، الذي كان يقول إن كل ما يضمن المساواة بين الرجل والمرأة هو من الإسلام.