رغم أن وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، مصطفى الخلفي، سبق أن التزم بأن قانون الصحافة والنشر، الذي أعدته وزارته، سيكون خاليا من العقوبات الحبسية السالبة للحرية، إلا أن ما قدمه اليوم من تعديلات على القانون الجنائي تضمَّن فصولا للعقوبات الحبسية التي ستواجه مهنيّي "صاحبة الجلالة". وبرر الخلفي العقوبات السالبة للحريات ضد الصحافيين، خلال تقديمه في لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان لمشروع قانون حكومي لتعديل القانون الجنائي، بالوقوف في وجه المس بثوابت المملكة والوحدة الترابية، قائلا إن "الحاجة للمشروع بهدف الجواب على قضية الثوابت التي لم تكن واردة". وينص مشروع القانون الجديد، الذي أشرفت عليه وزارة العدل والحريات وقدمه الخلفي، على الاكتفاء بتنظيم الجرائم الصحافية المحضة، وحذف العقوبات السالبة للحرية المتعلقة بها مع تعويضها بعقوبات مالية، مقرا بصعوبة تجريد هذه الجرائم من العقوبات السالبة للحرية لخطورتها، ل"أنها ترتبط بثوابت الأمة المغربية، التي أفرد لها الدستور مكانة خاصة في تصديره وداخل أحكام فصوله، وكذا لارتباط بعضها بالأمن العام، وسلامة الأفراد، وحرياتهم وحقوقهم الأساسية". وفي هذا الصدد، قال الخلفي إن "الاتفاقية الأوربية لحقوق الإنسان تقر في المادة العاشرة بإمكانية التنصيص على عقوبات للمس بالوحدة الترابية وسلامة الأراضي"، مضيفا في ما يخص الدين الإسلامي أن هناك "قرارا للجمعية العامة للأمم المتحدة، يمنع الإساءة للأديان". وحول تقديمه للمشروع عوض وزير العدل والحريات، الذي قدمه على أنظار المجلس الحكومي، قال الخلفي، إن السبب راجع "لإثارة بعض النقاشات مع المهنيين، الأمر الذي جعل وزارة الاتصال تتدخل حتى يكون هناك انسجام في المنظومة التشريعية"، نافيا أن يكون هذا القانون يدخل الصحافة إلى القانون الجنائي. الخلفي وصف النص القانوني الذي يحمل عقوبات بالجملة، "بأنه نص متقدم ويشكل بداية إصلاح القانون الجنائي لأننا دققنا في اللغة والمفاهيم"، مؤكدا على الحاجة إلى مجهود قضائي وغرف متخصصة وقضاة متخصصين بقضايا الصحافة والنشر. وفي الوقت الذي دعا فيه مشروع القانون الحكومي إلى "ضرورة الفصل التام بين الجرائم الصحافية المحضة، وجرائم الحق العام المرتكبة عن طريق وسائل الإعلام"، اقترح إضافة فصل جديد معنون، ب"إهانة علم المملكة ورموزها والإساءة لثوابتها"، حيث شدد على ضرورة الرفع من العقوبة الحبسية من سنتين إلى خمس سنوات وبغرامة من 50 ألف درهم إلى 500 ألف درهم، إذا تحققت أفعال الإساءة في التجمعات العمومية أو بواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم أو بواسطة مختلف وسائل الاتصال السمعية أو البصرية أو الإلكترونية أو الورقية. المشروع أجاز للمحكمة الحكم على الفاعلين بالحرمان من ممارسة واحد أو أكثر من الحقوق الوطنية أو المدنية أو العائلية لمدة سنة على الأقل وعشر سنوات على الأكثر، مضيفا تجريم فعل التحريض على ارتكاب الجنايات والجنح كجريمة أصلية قائمة بذاتها خارج صور المشاركة التي تشترط في جريمة التحريض على ارتكاب الجرائم. من جهة ثانية، خصص مشروع القانون الجديد لجريمة التحريض على ارتكاب جنايات وجنح عقوبات حبسية ومالية متناسبة، وإقرار حق الخيار في إصدار إحدى العقوبتين من طرف المحكمة، مؤكدا أن العقوبات تتدرج حسب الأثر الناتج عن فعل التحريض الذي قد لا يترتب عنه مفعول أو قد ينجم عنه مفعول أو سوى محاولة ارتكاب الجريمة. وبخصوص التحريض على التمييز أو الكراهية بين الأشخاص، والتي تتراوح عقوبتها الحبسية بين شهر إلى سنة وبغرامة من 5 آلاف إلى 100 ألف درهم، أعلن مشروع القانون رفع العقوبة إلى ثلاث سنوات وغرامة من 10 آلاف إلى 100 ألف درهم في حالة تحقق شرط العلنية.