البطولة: نهضة بركان يواصل نتائجه الإيجابية بالانتصار على شباب المحمدية المكسور    كتاب "التشادي 'مبعوث داعش' إلى المغرب يطلب الصفح" في ضيافة النقابة الوطنية للصحافة المغربية    انخفاض كميات مفرغات الصيد البحري بميناء آسفي    رئيس الهيئة الوطنية لضبط الكهرباء: الإنتاج الوطني من الطاقة الكهربائية بلغ 42,38 تيراواط ساعة في متم 2023    حماس وإسرائيل تتبادلان الاتهامات بتعطيل اتفاق الهدنة وإطلاق سراح الرهائن    روسيا: المغرب أبدى اهتمامه للانضمام إلى "بريكس"    نجاة 32 شخصا في تحطم طائرة أذربيجانية في كازاخستان    الاتحاد الاشتراكي يعلن اعتزازه بالمسار الذي اتخذه ورش مراجعة مدونة الأسرة بما يليق بمغرب الألفية الثالثة    "سرقة البطولة" من الجيش تثير مواجهة مفتوحة بين رئيسي الوداد البيضاوي والرجاء البيضاوي    أخبار الساحة    السعودية و المغرب .. علاقات راسخة تطورت إلى شراكة شاملة في شتى المجالات خلال 2024        حافلة "ألزا" تدهس شابًا وتُنهي حياته بطنجة    عبير العابد تشكو تصرفات زملائها الفنانين: يصفونني بغير المستقرة نفسياً!    برلماني يكشف "تفشي" الإصابة بداء بوحمرون في عمالة الفنيدق منتظرا "إجراءات حكومية مستعجلة"    الريسوني: مقترحات مراجعة مدونة الأسرة ستضيق على الرجل وقد تدفع المرأة مهرا للرجل كي يقبل الزواج    الحصيلة السنوية للأمن الوطني: أرقام حول الرعاية الاجتماعية والصحية لأسرة الأمن الوطني    التنسيق النقابي بقطاع الصحة يعلن استئناف برنامجه النضالي مع بداية 2025    تأجيل أولى جلسات النظر في قضية "حلّ" الجمعية المغربية لحقوق الإنسان        بعد 40 ساعة من المداولات.. 71 سنة سجنا نافذا للمتهمين في قضية "مجموعة الخير"        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    ابتدائية الناظور تلزم بنكا بتسليم أموال زبون مسن مع فرض غرامة يومية    مصرع لاعبة التزلج السويسرية صوفي هيديغر جرّاء انهيار ثلجي    الوداد يطرح تذاكر مباراته أمام المغرب الفاسي    برنامج يحتفي بكنوز الحرف المغربية        نسخ معدلة من فطائر "مينس باي" الميلادية تخسر الرهان    لجنة: القطاع البنكي في المغرب يواصل إظهار صلابته    تقرير بريطاني: المغرب عزز مكانته كدولة محورية في الاقتصاد العالمي وأصبح الجسر بين الشرق والغرب؟    مجلس النواب يصادق بالأغلبية على مشروع القانون التنظيمي المتعلق بالإضراب    ماكرون يخطط للترشح لرئاسة الفيفا    بطولة إنكلترا.. ليفربول للابتعاد بالصدارة وسيتي ويونايتد لتخطي الأزمة    نزار بركة: 35 مدينة ستستفيد من مشاريع تنموية استعدادا لتنظيم مونديال 2030    باستثناء "قسد".. السلطات السورية تعلن الاتفاق على حل "جميع الفصائل المسلحة"    ضربات روسية تعطب طاقة أوكرانيا    تزايد أعداد الأقمار الاصطناعية يسائل تجنب الاصطدامات    قياس استهلاك الأجهزة المنزلية يتيح خفض فاتورة الكهرباء    مجلس النواب بباراغواي يجدد دعمه لسيادة المغرب على صحرائه    السعدي : التعاونيات ركيزة أساسية لقطاع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني    ارتفاع معدل البطالة في المغرب.. لغز محير!    وزير الخارجية السوري الجديد يدعو إيران لاحترام سيادة بلاده ويحذر من الفوضى    إمزورن..لقاء تشاركي مع جمعيات المجتمع المدني نحو إعداد برنامج عمل جماعة    "ما قدهم الفيل زيدهوم الفيلة".. هارون الرشيد والسلطان الحسن الأول    الدورة العاشرة لمهرجان "بويا" النسائي الدولي للموسيقى في الحسيمة    العلوم الاجتماعية والفن المعاصر في ندوة بمعهد الفنون الجميلة بتطوان    طبيب يبرز عوامل تفشي "بوحمرون" وينبه لمخاطر الإصابة به    اليوم في برنامج "مدارات" بالإذاعة الوطنية : البحاثة محمد الفاسي : مؤرخ الأدب والفنون ومحقق التراث        ما أسباب ارتفاع معدل ضربات القلب في فترات الراحة؟    الإصابة بالسرطان في أنسجة الكلى .. الأسباب والأعراض    "بيت الشعر" يقدم "أنطولوجيا الزجل"    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التعليم العتيق: عراقة التاريخ وتحديات الحاضر
نشر في هسبريس يوم 22 - 03 - 2016


السياق التاريخي
كانت المناهج الدراسية في جميع ربوع الدولة الإسلامية وفي مختلف مراحل التعليم مندمجة فيما بينها، تندمج فيها مواد الشريعة والفكر الإسلامي بباقي المواد من فيزياء وكيمياء وطبيعيات وهندسة ولغة عربية وطب وغيرها من المواد، انطلاقا من مبدأ وحدة المعرفة ووحدة المصدر وانتهاء بمفهوم التكامل المعرفي الذي يجسده واقعا الاندماج المنهاجي، فكانت الجودة والكفاءات وكان العلماء وكانت النهضة.
كما أن التعليم كان محتضنا من المجتمع وتحت إشراف دار الخلافة، فعرف النجاح وعرفت الأمة الازدهار.
ولم يشكل المغرب الاستثناء، فقد اجتهد السلاطين المغاربة على مر العصور منذ المولى إدريس الأكبر مرورا بالدول المتعاقبة على الحكم في المغرب، من الدولة الإدريسية، والدولة المرابطية، والدولة الموحدية، والدولة المرينية، إلى عهد الدولة العلوية الشريفة في العناية بالتعليم الإسلامي كل حسب رؤيته، من خلال بناء المدارس والمراكز العلمية، ورعاية العلماء، وتنظيم مجالس للعلم، وكان القاسم المشترك بينهم هو الغيرة على هذا النوع من التعليم الذي يشكل صمام الأمان للهوية الإسلامية والضامن لمواصلة الريادة والزعامة الفكرية والثقافية بين الأمم.
فمنذ تأسيس جامع القرويين سنة 245ه في عهد يحيى بن محمد بن إدريس، خامس الأدراسة اهتم السلاطين المغاربة بالتعليم ولم يفرقوا فيه بين الديني والدنيوي بل اعتبروا جميع أنواع التعليم دينية لأنها تخدم الإنسان بصفة عامة في حمل مشعل القيام بأمانة الاستخلاف وإعمار الأرض.
ففي العصر المرابطي، اعتنى السلاطين بهذا النوع من التعليم بأن أسسوا عدة مدارس إسلامية لتلقين المعارف ودشنوا الجوامع الدينية لتدريس العلوم الشرعية والفقهية. كما عملوا على توسيع جامع القروين، وأسسوا جامع ابن يوسف بمراكش يضاهي جامع القرويين بفاس.
وفي عهد الموحدين تم بناء عدة مساجد ومدارس منها المسجد الأعظم بمدينة سلا ومدرسته الباقية إلى الآن ومدرسة الشيخ أبي الحسن الشاري من أعلام ذاك العصر التي أنشأها في مدينة سبتة.
كما اهتم المرينيون اهتماما كبيرا بالعلماء والفقهاء وطلبة العلم، فبالإضافة إلى المؤسسات الدينية والمساجد عملوا على بناء عدة مدارس، من أهمها:
مدرسة الصفارين التي بناها السلطان يعقوب بن عبد الحق سنة 670 ه، ومدرسة فاس الجديد التي بنيت بأمر من الأمير علي بن أبي سعيد عثمان ، ومدرسة الصهريج التي بنيت سنة 721 ه في عهد السلطان أبي سعيد عثمان بن عبد الحق، ومدرسة العطارين التي شيدت سنة 723 ه ، والمدرسة البوعنانية التي بناها السلطان أبو عنان بن أبي الحسن سنة 755 ه، والمدرسة العظمى في مراكش التي بناها السلطان أبو الحسن علي المريني.
لقد اهتمت هذه المدارس والجوامع بجميع أنواع العلوم، وكانت كلها تدور حول العلوم الشرعية وتنطلق منها.
أما في العصر العلوي فقد انتشرت المدارس العتيقة والمعاهد الدينية والكتاتيب القرآنية بشكل كبير. فمن اهتمامهم بالتعليم الديني عمل السلطان محمد بن عبد الله العلوي على الإشراف على عدة إصلاحات، من قبيل التركيز على العلوم النقلية والتوجه العقائدي السلفي، والعناية بنشر كتب السنة، ومنع تدريس الفروع والعلوم العقلية كعلم الكلام والفلسفة والمنطق وتصوف الغلاة.
وقد تابع العلوين بناء المدارس العتيقة والمدارس الدينية إلى الآن.
تحديات تاريخية
لما جاء وباء الجمود والتقليد وعم جميع بلدان العالم الإسلامي لم يستثن المملكة المغربية، وعند مجيء الاستعمار الغربي عمل على تكريس هذا الجمود والقضاء على كل نظام تعليمي له مرجعية إسلامية سعيا منه لطمس وإلغاء القيم الإسلامية والهوية الثقافية للمغاربة من خلال تهميش اللغة العربية والدين الإسلامي من الساحة التعليمية. فعمل على إنشاء مدارس "عصرية" تدرس فيها اللغات والآداب والتاريخ والفلسفة والمنطق وعلوم أخرى كالرياضيات بمناهج ومقررات أكثر حداثة وبمقاربات وطرائق جديدة على ضوء آخر ما تم التوصل إليه في مجال علوم التربية.
في مقابل ذلك ظلت المدارس "التقليدية" المتمثلة في جامع القرويين بفاس وجامع ابن يوسف بمراكش ومدارس سوس والمساجد تتخصص في تدريس العلوم الشرعية واللغوية والأدبية بنفس المناهج والطرائق التقليدية التي عرفت بها منذ قرون فتخلفت تلك المدارس عن مجاراة المدارس العصرية وإن كانت تخرج بين الفينة والأخرى علماء ومفكرين.
و قد ظهر مصطلح " التعليم الديني" حين تم الفصل بين العلوم الاجتماعية والعلوم الحقة و علوم الشريعة و اللغة العربية. كما ظهرت تسميات جديدة فرضها سياق عام انتشر فيه التعليم "العصري" في المغرب من مثل "التعليم العتيق"، فكان أول من أطلق هذا الوصف "المختار السوسي" في كتابه "سوس العالمة"، والمصطلح ليس قدحا في هذا النوع من التعليم بل هو مرادف للتعليم الإسلامي، ويراد به نوع التعليم كما كان يمارس بمدارس المغرب قبل مجيء الاستعمار والمخالف لما جاء به نظام الحماية من إصلاح تعليمي. كما سمي بتسميات أخرى من قبيل "التعليم الأصلي" و"التعليم الأصيل".
إصلاحات متعاقبة
كما هو معلوم فإن المقاومة العسكرية لا تكفي لإجلاء المحتل، بل لابد أن تواكبه إصلاحات تربوية تحصن الفرد بداية من الأفكار الواردة من العالم الغربي التي تهدد هويته، وتهيئه كذلك لبناء حضارة تضاهي تلك الوافدة علينا كَرها وتستعيد أمجاد ماضي أمتنا العريق.
فأصبح الحال يلح على ضرورة إنشاء نظام جديد للتعليم يحافظ على المرجعية العقدية والشرعية ويتلاءم مع الواقع المغربي وينفتح على العلوم الجديدة، فتوالت المبادرات الإصلاحية للتعليم العتيق بدءا من إصلاح 1931 م من خلال إصدار ظهير ملكي لإصلاح جامع القرويين ينص على تعيين مجلس أعلى يشرف على الجامع ويسن ضوابط دقيقة لانتداب العلماء المدرسين به، والمواد المدرسة وتدبير الزمن الدراسي...
وفي سنة 1942 م وإيمانا منه بضرورة إصلاح جامع القرويين وجعله وسيلة للارتقاء بالتعليم العتيق في كل البلاد قام المغفور له محمد الخامس بتعيين مدير للجامع أُسندت له مهمة الإشراف على تطوير المؤسسة.
وفي سنة 1957 م تم إحداث لجنة ملكية لإصلاح التعليم العتيق بشقيه التربوي والإداري، من بينها تحويل السلك العالي لجامع القرويين ومدرسة ابن يوسف بمراكش إلى كليات الآداب وكلية الشريعة، وإحداث نظام التعليم الأصيل وإلحاقه بوزارة التعليم العالي.
وخلال الستينيات من القرن الماضي أطلق الراحل الحسن الثاني عدة مبادرات لبعث التعليم العتيق، بدءا من ظهير 1963 م القاضي بجعل جامعة القرويين تحت وصاية وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي، وضمها لكل من كلية الشريعة بفاس وكلية أصول الدين بتطوان وكلية اللغة العربية بمراكش.
كما أصدر سنة 1964 م أمرا بإحداث دار الحديث الحسنية وجعلها تابعة للبلاط الملكي.
وفي سنة 1969 م تم إحداث نظام الكتاتيب القرآنية لإمداد مدارس التعليم الأصيل بحفاظ كتاب الله.
وتوالت بعد ذلك الإصلاحات تباعا، ففي سنة 1975 م أصدر الراحل الحسن الثاني ظهيرا في شأن تنظيم الجامعات، أصبحت بموجبه جامعة القرويين تخضع في تسييرها التربوي والإداري أسوة بالجامعات المغربية الأخرى إلى هذا الظهير.
وفي سنة 1988م تم تبني خطة لإحياء جامع القرويين وفق نظام الكراسي العلمية.
وفي سنة 2003 أمر الملك محمد السادس بموجب الظهير الشريف رقم 1.02.09 بتنفيذ القانون رقم 13.01 في شأن تطوير وتأهيل التعليم العتيق، يقضي باعتبار جامع القرويين إحدى مؤسسات التعليم العتيق إلى جانب جامع الحسن الثاني بالدار البيضاء ومعهد الإمام مالك بتطوان، بالإضافة إلى صدور الظهير الشريف رقم 1.03.193 في شأن الهيكلة الجديدة لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، التي تم بموجبها إحداث مديرية التعليم العتيق.
وتواصل العمل في هذا الاتجاه بإصدار المرسوم 1273•05•2 في دجنبر 2005م، ثم صدور مجموعة من القرارات التنظيمية لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في ماي 2006 م لتنطلق عملية التأهيل والإدماج تدريجيا.
وفي سنة 2015 م أصدر الملك ظهيرا يقضي بإعادة جامعة القرويين لوصاية وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، لتضم تحتها كل معاهد ومؤسسات التعليم العتيق، على أن تبقى كليات الشريعة وأصول الدين واللغة العربية تحت وصاية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
كل هذه الإصلاحات كان الهدف منها هو العمل على تطوير هذا النوع من التعليم من الناحية التربوية والدينية لمواكبة المستجدات والتحولات الاجتماعية قصد تزويد المجتمع بنخبة من العلماء المؤهلين للإسهام في البناء الفكري لأفراد المجتمع والذود عن ثوابت الأمة.
التجسير بين التعليم العتيق والتعليم العمومي: قراءة نقدية
كل تلك الإصلاحات كان الغرض منها تحسين الأداء التربوي للتعليم العتيق، حتى يستمر في أداء وظائفه على كافة المستويات التعليمية والقيمية، والتنموية.
غير أنه، ومع ظهور الظهير الشريف 13. 01 في29 يناير 2002م، الذي قررت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية (في المادة 17 من الباب الخامس) بتنسيق مع وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي (كما ينص على ذلك الميثاق الوطني للتربية والتكوين في مادته 88 من الدعامة الرابعة للمجال الثاني المتعلق بالتنظيم البيداغوجي) خلق جسور منفتحة بين التعليم العتيق والتعليم الأصيل والتعليم العمومي، مع وجوب "تضمن البرامج الدراسية المطبقة بمؤسسات التعليم العتيق حصصا إلزامية من المواد المقررة بمؤسسات التعليم العمومي في حدود الثلثين من الحصص المخصصة لهذه المواد بما في ذلك مادتي اللغات والرياضيات والرياضة البدنية"، بدأ التعليم العتيق يفقد خصوصيته.
فبخطة التجسير هاته كُتب على التعليم "العتيق" أن يظل تابعا تمن عليه المدرسة العمومية بمودتها. فكيف له أن يطلب مودتها وهي تعاني مرضا معديا لن ينجو منه إن اندمج معها (مرض "الضعف" و"الفشل")؟
إن من نقاط قوة التعليم العتيق هو الإجماع حول المنطلقات والمرجعية: عكس التعليم العام (وهذا دافع للعناية به لأنه أكبر داعم للهوية)، وبالتالي عندما نسعى إلى إدماجه بالتعليم العمومي الذي لازال يتخبط في مسألة المرجعية تهديد له ومنه وبطريق التعدية تهديد للهوية الإسلامية، مما يدفعنا للقول بضرورة حفاظه على خصوصيته. فكيف للتعليم العتيق أن يندمج مع نظام تعليمي يجعل من قيم حقوق الإنسان في بعدها الكونية من مرتكزاته الثابتة كاختيار وتوجه؟ والكل يعلم ما لهذه العبارة من دلالات قيمية تحيل لا محالة إلى بعد إيديولوجي يتعارض مع المرجعية الإسلامية، أو على الأقل لا يتناسب معها. هذا من الناحية الدينية والهوياتية.
أما من الناحية التربوية، فإن إلزام طلبة التعليم العتيق بنسبة الثلثين من الحصص المخصصة للتدريس لمواد التعليم العمومي بغرض "التجسير" معناه أن هذه الحصص تُستغرق منها دراسة اللغات الأجنبية بما فيها الأمازيغية و المواد الاجتماعية والعلمية و"التربية البدنية" نسبة الثلثين، ويبقى الثلث للعلوم الشرعية! فهل ذلك كفيل "بتخريج العلماء بالشريعة الذين بهم يقوم الشأن الديني كله في الأمة، وتحيا بهم حركة الاجتهاد الراشد والتربية الربانية" كما جاء في الوثيقة التربوية الإطار للتعليم العتيق؟
إن أهمية التعليم العتيق تنبع من مكانته في الساحة التربوية للبلاد، فبالإضافة إلى دوره التربوي-التعليمي والقيمي، فإنه صمام الأمان والأمن لهذه الأمة، والمدافع عن ثوابتها الدينية، والمحافظ على هويتها الإسلامية وتراثها العلمي والحضاري.
وبالتالي فإن النهوض بهذه الأمة فكريا وعلميا وتربويا، لن يتأتى إلا بالنهوض بالتعليم "العتيق" و تطويره دون إخلال بمقوماته، وذاك كفيل بتخريج كفاءات مؤهلة علميا وتربويا للقيام بمسؤوليتها في البناء الفكري والحضاري.
* باحث في التربية والدراسات الإسلامية
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.