ما إن اندلعت الأزمة الأخيرة بين المغرب والأمين العام لأمم المتحدة، بان كي مون، بسبب وصفه لوجود المغرب في الصحراء ب"الاحتلال"، حتى خرج عدد من قيادات جبهة البوليساريو للاحتفاء بذلك، معتبرين إياه "نصرا دبلوماسيا" على المغرب، في معركته للدفاع عن وحدته الترابية. احتفاء البوليساريو بتصريحات كي مون، دفع عددا من القياديين فيها إلى زيارة أو بعث رسائل إلى عواصم أوروبية من أجل الدفاع عن الأطروحة الانفصالية، والعمل على دعمها، خاصة في هذه الظرفية الحساسة التي تسبق تقديم الأمين العام لتقريره السنوي أمام مجلس الأمن خلال أبريل المقبل. ويبدو أن البوليساريو تريد استغلال تصعيد المغرب مع الإتحاد الأوروبي، بعد أن قرر تعليق الاتصال به، والأزمة الحالية مع الأمين العام للأمم المتحدة، حيث راسل القيادي محمد سيداتي، يوم الاثنين، الإتحاد الأوروبي من أجل الضغط على المغرب للعمل على تقرير المصير. رسالة سيداتي وجهت إلى الممثلة السامية للإتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية وسياسة الأمن، فيديريكا موغريني، ودعا من خلالها إلى "اغتنام فرصة مجيء الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة إلى الميدان من أجل دعم مطلب التطبيق الفعلي للوائح منظمة الأممالمتحدة التي تنص على حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره"، على حد تعبير الرسالة. أما الأمين العام لجبهة البوليساريو، محمد عبد العزيز، فوجه رسالة إلى أحد المنتديات الداعمة للجبهة في العاصمة النرويجية أوسلو، يقول فيها إنه لا زال ينتظر أن تتحمل الأممالمتحدة مسؤوليتها، من خلال القيام بتقرير المصير، مضيفا أن "قيادة جبهة البوليساريو انخرطت، بكل جدية وتعاون، في خطة التسوية الأممية الإفريقية لسنة 1991، القاضية بتنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي. لكن الأممالمتحدة رغم أنها أعدت لوائح المصوتين، لم تنفذ تعهدها إلى اليوم"، على حد تعبيره. رد الأنفاس الأخيرة وفي تعليقه على التحركات الأخيرة، يقول الباحث في الشؤون الصحراوية، أحمد نور الدين، إن القيادة الانفصالية تريد التنفيس عن الأوضاع الذي تعيشها مخيمات تندوف، وذلك بعد الانشقاقات التي عرفتها ودخول عدد من القيادات المؤسسة إلى المغرب، وانشقاق خط الشهيد، بالإضافة إلى الانتفاضات التي تعيشها المخيمات. ووصف نور الدين، في تصريح لهسبريس، التحركات الأخيرة للبوليساريو بأنها "تحركات النفس الأخير"، نظرا لحالة التفكك التي تعيشها، والتي برزت مع الفشل في اختيار زعيم جديد، بدلا من محمد عبد العزيز، خلال المؤتمر الأخير، في حين اعتبر أن الفاعل الحقيقي الذي يخطط لضرب المصالح المغربية وتقسيم أراضيه هو الجارة الشرقية الجزائر. وتابع المتحدث ذاته أن هذه التحركات جاءت بعد مسيرة الرباط المنددة بتصريحات كي مون، مطالبا الدبلوماسية المغربية بوضع إستراتيجية واضحة من أجل إخراج البوليساريو من الإتحاد الإفريقي، "الذي سبب الخروج منه عددا من المشاكل للمغرب"، على حد تعبير أحمد نور الدين. في السياق ذاته، قال نور الدين: "يجب أن لا تنسينا تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة معركة 31 مارس، وهو تاريخ آخر أجل لوضع الترشيحات لخلافة دلاميني زوما، رئيسة المفوضية الإفريقية"، موضحا أن هذا المنصب الهام في إفريقيا سيكون شاغرا نهاية يونيو المقبل، وإذا لم يتحرك المغرب لدعم مرشح حليف له، فإن الرئيس سيكون جزائريا أو أحد حلفاء الجارة الشرقية، منبها إلى أن زوما تستعد للقيام بزيارة إلى الجزائر. واعتبر المتحدث ذاته أن الجزائر لديها خطة لمواجهة المغرب على الساحة القارية والدولية، حيث نشطت بشكل كبير حتى انضمت جبهة البوليساريو إلى اتفاقية جنيف لحماية المدنيين في الحروب رغم أنها لا تتوفر على شروط الدولة، مشيرا إلى أن الجزائر تخوض معارك قانونية من أجل ضرب المصالح المغربية. في المقابل، فإن المغرب لا يتوفر على خطة لإخراج "الكيان الوهمي" من الإتحاد الإفريقي، يقول نور الدين، مبرزا أنه لا توجد منظمة دولية لا يعترف بأحد مكوناتها ثلث الدول الأعضاء إلا في حالة الإتحاد الإفريقي، الذي لا يعترف ثلث دوله بالدولة الصحراوية، ما يحتم على المغرب، في نظر الباحث في الشؤون الصحراوية، التحرك على جميع الأصعدة بغية محاصرة البوليساريو، ومن خلفها الجزائر.