نظراً للتسعيرة المرتفعة المطبقة على الاتصالات الهاتفية، خصوصاً الدولية، تحول المواطنون إلى شبكات بديلة عن تلك التي تستغلها الشركات الثلاث قصد تمرير مكالماتهم الهاتفية. وكان رد فعل الشركات المعنية انفعالياً وفريداً من نوعه على المستوى الدولي، تجلى في توقيف خدمة الهاتف عبر بروتوكول VOIP؛ وهو الأمر الذي دفع المواطنين إلى اللجوء إلى تقنية VPN التي تمكن من حجب مصدر المكالمة؛ مما يتعذر معه تطبيق المنع. واستندت الشركات إلى رأي الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات لتبرير قرار المنع. وقد أبدينا في حينه في هذا الشأن رأينا بأن القانون 96/24 المتعلق بالبريد والاتصالات لا ينظم خدمات الاتصالات الهاتفية المقدمة عبر بروتوكول الإنترنت، وخلصنا بالتالي إلى أن الوكالة الوطنية لا يحق لها الارتكاز على القانون المذكور لمؤازرة المتعهدين في عملية المنع. وحيث إن الأمر يتعلق كما صرح مسؤولو الشركات بمنافسة غير مشروعة، كان من الأنسب عرض الأمر على مجلس المنافسة، لا تبرير المنع بالنظر في سبل إعادة التوازن التجاري. وكرد فعل على استمرار المواطنين في إجراء اتصالاتهم الهاتفية عبر الإنترنت، وتجاوز المنع عبر بروتوكول VPN، تروج الشركات المعنية، ومعها الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات، عبر الصحف (جريدة المساء الصادرة يوم السبت، الأحد بتاريخ 05-06 مارس 2016، وأسبوعيةTEL QUEL ) على أن الأخيرة ستعمد إلى متابعة "المخالفين" أمام القضاء، استناداً إلى الفصل 83 من القانون 96/24، الذي ينص على تطبيق عقوبة حبسية من شهر إلى سنتين، وغرامة تتراوح بين 10.000 و200.000 درهم في حق من يستغل شبكة (تبادلية Commuté) دون الحصول على رخصة. والحال أن المواطن الذي يجري مكالمة هاتفية باللجوء إلى شبكة بديلة عن تلك التي نظمها القانون الجاري به العمل لا يستغل تجاريا شبكة عمومية للاتصالات حتى يطالب بالحصول على رخصة للاستفادة من حق الاتصال والتواصل، الذي هو حق دستوري لا يمكن المس به بمجرد قرار صادر عن هيئة إدارية، واستناداً إلى نصوص قانونية خارجة عن السياق. لذا نؤكد أن مراجعة القانون 96/24 أصبحت حتمية ومستعجلة، وعلى السلطات تنظيم ومراقبة هذا القطاع الحيوي، وابتكار حلول ووسائل لا تقتصر على المنع، بل على التوفيق بين حرية التواصل والمنافسة المشروعة والأمن العام. *خبير دولي في قانون الاتصالات- عضو لجنة تحرير القانون 24/96 للبريد والاتصالات