فيما انهالت الاتهامات الحادة على رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، باختياره "المناورة" في التعاطي مع الأساتذة المتدربين، و"نسفه" مبادرات الحوار المتعددة لحل الملف المعمر أزيد من أربعة أشهر؛ اختار "أساتذة الغد" التصعيد مرة أخرى، ليقلبوا بذلك الطاولة على بنكيران، "الذي لم يبد جادا في اللقاء الأخير بمقر إقامته بحي الليمون"، وفق تعبيرهم. واستمر الأساتذة المتدربون في رفع مطلب "الحق في الوظيفة العمومية" و"إلغاء المرسومين"، القاضيين بفصل التكوين عن التوظيف وتقليص المنحة، بالكشف عن برنامج احتجاجي يستمر طيلة الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر مارس، ردا على ما وصفوه ب"تعنت الحكومة وتعاطيها اللامسؤول مع قضيتنا العادلة والمشروعة"، وتأكيدا على "الإصرار والصمود في معركتنا المستمرة حتى النصر". ولم تثن التدخلات العنيفة للقوات العمومية التي تواجه بها احتجاجات "أساتذة الغد" التنسيقية الوطنية للأساتذة المتدربين في المراكز الجهوية لمهن التربية والتكوين عن الدعوة إلى تنظيم مخيمات احتجاجية خارج مراكز التكوين، وفي الساحات العمومية، مع مسيرات مسائية في الأحياة الشعبية وسط عدد من المدن، إلى جانب وقفات أمام المساجد والثانويات والجامعات. وبعد الوقفات الوطنية التي كانت التنسيقية تنظمها بالرباط، اختارت هذه المرة العاصمة الاقتصادية للتصعيد من جديد بمسيرة وطنية يوم 20 مارس القادم، مرفوقة باعتصام وطني، تسبقها مسيرات جهوية احتجاجية صوب مقرات العمالات والولايات، تنديدا بما وصفوه ب"القمع"، إلى جانب تنفيذ "مخيمات شعبية" بالساحات العمومية بمختلف المدن لمدة 48 ساعة. ودخلت جماعة العدل والإحسان على خط مستجدات قضية "أساتذة الغد"، إذ اعتبرت أن موقف الحكومة "ما يزال هو المناورة والمماطلة في تعاطيها مع ملف الأساتذة المتدربين العادل"، موردة أن دعوة رئيس الحكومة للقاء ترتيبي مع تنسيقية الأساتذة المتدربين في مقر رئاستها "كان خطوة من خطوات المماطلة المستمرة منذ أربعة أشهر". الجماعة، وفي تقرير يحمل مواقفها من الملف، اعتبرت أن استضافة بنكيران "المفاجئ" للأساتذة في منزله بدلا من مقر رئاسة الحكومة، واستبعاده للأطراف المتدخلة في جميع جولات الحوار السابقة، من النقابات و"المبادرة المدنية"، جاء "بهدف عزل التنسيقية الوطنية والانفراد بها". حسن بناجح، القيادي في "العدل والإحسان"، وصف موقف الحكومة من الملف ب"التعنت غير المبرر"، مضيفا أن رئيس الحكومة "يتشبث بالقانون في ملف الأساتذة المتدربين، وفي الوقت نفسه يلح على مسألتين تثيران سؤالين كبيرين: الالتزام بتوظيف الفوج كاملا، على دفعتين، لكن بشرط اجتياز المباراة"، متسائلا: "ما معنى المباراة إذا كان هناك استعداد لتوظيف الفوج كاملا". وتابع بناجح بأن بنكيران "يقول إنه يضمن تنفيذ هذا الالتزام حتى لو لم يكن رئيسا للحكومة المقبلة"، ليتساءل مجددا: "كيف ذلك وهو نفسه لم يلتزم بتنفيذ قرار حكومة الفاسي في محضر 20 يوليوز للمعطلين؟"، وشدد على أن "نهج المناورة هو الغالب على الحكومة.. وهو الأسلوب نفسه الذي أصبح متبعا في جل الملفات الاجتماعية".