لم يكن رئيس الحكومة، عبد الإله بنكيران، جادا في الدعوة التي وجهها للأساتذة المتدربين الذين اختاروا التصعيد ضد المرسومين القاضيين بفصل التكوين عن التوظيف، وتقليص المنحة، للجلوس إلى طاولة الحوار.. هذه هي الخلاصة التي استنتجها متتبعون للملف، ولجنة الحوار نفسها. وأكد صلاح الوديع، عضو "المبادرة المدنية لحل ملف الأساتذة المتدربين"، في تصريح لهسبريس، أن رئيس الحكومة "مسؤول عن نسف مبادرات الحوار التي أبان فيها الأساتذة المتدربون عن وعي كبير"، مستغربا "تعطيله إمكانية الوصول إلى حل بعدما لاح في الأفق من خلال اللقاءات مع والي وزارة الداخلية". وقال الوديع: "من خلال الوقائع، فإن من أجهز على التقدم الذي حُقّق في هذا الملف، بحضور النقابات، وأعاده إلى درجة الصفر، هو رئيس الحكومة"، مبرزا أن "من كان وراء نسف المبادرة هو بنكيران"، و"ذلك ما ظهر من خلال تغيير مكان الحوار، ومضمون ما جاء به، والأيام كشافة". "رئيس الحكومة كان فقط يريد أن يربح الوقت، لأنه لا يعقل أن يقبل مبادرة لفتح النقاش ثم يبقى في المكان نفسه"، يقول الوديع الذي أردف بأن "بنكيران يريد أن يقول للرأي العام إن قسمه الذي أطلقه أمام أعضاء حزبه أهم من الوصول إلى حل يحفظ السلم الاجتماعي، في بلاد تطمح إلى بناء ديمقراطيتها". وحذر عضو "المبادرة المدنية" من كون "رئيس الحكومة يعطي انطباعا بأنه يريد أن يراوح مكانه ويرهن المغرب بهذا المنطق"، مبديا أسفه من "تعنت المسؤول عن السلطة التنفيذية في هذا الملف الحساس، الذي يوضح تصوره لمدلول المطلب والحوار الاجتماعيين، وتدبير الشأن العام"، حسب تعبيره. الوديع أفاد أن "المبادرة كان لديها تخوف منذ البداية من طريقة تعامل رئيس الحكومة، لكن من منطق الحرص على صورة المغرب حاولت تقريب مناطق الظل والنقاط التي يمكن أن يكون فيها سوء تفاهم"، مضيفا: "حاولنا ردم هوة التباعد، فلاحت في الأفق إمكانية للحل، لكن بنكيران أعادنا إلى منطقة الصفر". ومن جهته انتقد حسن بناجح، عضو الدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان، تحويل بنكيران "دور الحكومة من المسؤولية إلى المناورة"، مبرزا في "تدوينة" له على "فيسبوك"، أن نهج المناورة اصبح هو الغالب على الحكومة في قضية الأساتذة المتدربين". وتابع القيادي في "الجماعة" بأن هذا الأسلوب نفسه الذي أصبح متبعا في جل الملفات الاجتماعية"، وذلك في تعليقه على الحوار الذي عقده بنكيران يوم الجمعة الماضي مع الأساتذة المتدربين، موضحا أنه جاء بعد "ليلة الخميس التي أعطيت فيها الأوامر لوجبة قمع شرسة ضدهم". وأوضح بناجح أن بنكيران "أدخل الأمور في مأزق ضيق عبثي في شأن مكان اللقاء، من خلال مسارعة محيطه إلى ترويج صورة تحاول إظهاره في موضع الضحية"، مضيفا: "ثم في النهاية يأتي رئيس الحكومة ليعرض ما سبق عرضه منذ شهور". وبين القيادي في "الجماعة" بأن "كل هذه المعطيات تُظهر أن الهدف الوحيد هو المناورة واللعب على نفسية الآخر، وهو أسلوب يستعمل بين الخصوم والأعداء، ولا يليق بحكومة المفروض فيها أن تتعامل مع مواطنيها بمنطق المسؤولية والجدية"، حسب تعبيره.